يلحظ المتابع أن هناك حالة احتقان عامة لدى كثير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، فاللغة المتدنية، والألفاظ الحادة، والقذف أصبحت أمورًا شبه عادية، ولذا قرر كثير من مستخدمي تويتر الخروج من هذا المستنقع، ومنهم أسماء بارزة لمثقفين كبار، ومع أنهم لم يتحدثوا علانية عن أسباب خروجهم، إلا أنه بات من الواضح أنهم ارتأوا السلامة، وإراحة أبدانهم وأذهانهم مما لا قبل لهم به، ولا يراودني شك بأنه سيلحقهم كثيرون في القريب العاجل، فالأمر لم يُعدُّ يحتمل على الإطلاق.
ومما زاد الأمر سوءًا هو الإساءة للمقدسات، التي ظهرت على السطح مؤخرًا، ومع أنها قليلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، إلا أنها جرائم شنيعة تتعلق بالله سبحانه وآياته ورسوله عليه أفضل الصلاة والسلام، والمؤلم بحق هو أنها لم تقتصر على شخص واحد أو فئة واحدة، إذ لم يرتكبها شاب مراهق أو ضال فحسب، بل ارتكبها بعض من يحسن الناس الظن بهم كدعاة للخير، ولذا كال الناس بموازين مختلفة لذات الإساءة فأصبحت مجالاً خصبًا للخصومات، وتصفية الحسابات بين التيارات المختلفة، حتى أصبح هذا التراشق هو سيد الموقف، لا الإساءة ذاتها، ولا أعتقد أن مجتمعنا المحافظ بطبعة مستعد لقراءة المزيد من مثل هذه الترهات، فقد بلغ السيل الزبى، بل ربما تعداه!.
لست هنا في وارد بيان قدسية مولانا عزَّ وجلَّ، أو آياته، أو رسولنا العظيم عليه أفضل الصلوات والتسليم، ولكن يجب أن يدرك الجميع أن هناك خطوطًا حمراء لا يمكن تجاوزها بحال، وأهم هذه الخطوط وأخطرها هو ما يتعلق بالمقدسات، فالمساس بها يؤذي المشاعر، ويجــــرح القلوب المؤمنة، فالمقدس أعظم عند الإنسان من نفسه، فهل يعي بعض المتطاولين هذه الحقائق التي لا تقبل الجدل؟.
الغريب في الأمر هو أن المتطاول لا يجرؤ على الإساءة لمدير أو وزير، ناهيك عن أن يتطاول على سلطان، ومع هذا يتطاول على سيد الخلق وأشرفهم، الذي قال عنه كثير من المفكرين غير المسلمين: «إنه أعظم شخصية على مر التاريخ البشري»، فهل يدرك المسيئون ذلك؟!.
لقد بات من الواضح أهمية التوعية عن «الإساءة للمقدسات»، فلربما هناك من لا يدرك شناعة هذا الجرم، ولا يدرك بالتالي العقوبات المترتبة عليه، وهذا ما لاحظناه من خلال الإساءات التي تم رصدها مؤخرًا، كما أن سنّ قانون صريح وواضح بهذا الخصوص بات أمرًا ضروريًا، وعلى الجميع أن يدرك أن حريته تتوقف عند حدود حرية الآخرين، وأن التصريح بكل ما توسوس به النفس قد تكون عواقبه وخيمة في كثير من الأحيان.
وختامًا، علينا أن نحسن الظن ببعضنا البعض، وأن نجعل عملنا خالصًا لوجه الله، وبعيدًا عن الأهواء.
فاصلة:
«إني أعتقد بأن رجلاً كمحمد لو تسلّم زمام الحكم في العالم بأجمعه لنجح في حكمه، ولقاده إلى الخير، وحلّ مشكلاته على وجه يكفل السلام والطمأنينة».. برنارد شو.
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2