هذا الكتاب أراد به مؤلّفه سلمان بن محمد العُمري معالجة كثرة الطلاق، بحيث استند على أرقام سنوية في الطلاق أخذها كعينة فحكم عليها، وقد تكون الأرقام أقل من هذا، ولذلك وضع نصف العنوان على نظرة فيها بعض التجني بنوعية من شرائح المجتمع عندما قال بالخط العريض:
قبل إعلان حالة النكد، أما النصف الثاني من العنوان ففيه التفاؤل الحسن عندما قال: رُؤى وأفكار للمقبلين على الزواج من شباب وفتيات، وأراد أن يقدّم النصائح للطرفين المقبلين على الزواج لكي يستأنسوا بها، ويدركوا عدم توفر الكمال، لكي يغضوا الطرف على ما يبدو عن هفوات وأن يتشارك الطرفان في معالجة ما يطرأ على شؤونهما، برفق دون إدخال طرف ثالث، وأن تكون شعرة معاوية هي القاسم بينهما.
الكتاب من القطع الصغير في طبعته الأولى عام 1433هـ - 2012م، وهي طبعة جيدة، يقع في 167 صفحة بالمقدمة والفهارس، وبناه على 25 فكرة، وقد بدأه بمدخل قال فيه: إلى الشباب الواعين والفتيات اللواتي ينشدن السعادة، فقد شرع الله الزواج لإقامة حياة سعيدة مستقرة مبنية على المحبة والمودة بين الزوجين ولإعفاف كل منهما الآخر ولتحقيق النسل وقضاء الوطر، مستشهداً بالآية الكريمة من سورة الروم {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} (الآية 21).
ثم قال: ومن هنا فإن على الشاب والفتاة أن يتعلما ثقافة الزواج، وحين أقول ثقافة الزواج فإن ذلك لا ينصرف إلى البحث في الأمور الفطرية، والعلاقة التي يفهمها الإنسان بفطرته، وإنما أعني أن تتثقف الفتاة ويتثقف الشاب، فيما يكون عوناً لهما على حسن القيام بواجب الحياة الزوجية ومسؤوليتها، وهو ما سوف أتطرق إليه في هذا البحث، ثم انتقل إلى نصيحة للشريكين، فشريك العمر من زوج أو زوجة، يجب أن يكون فيه مؤشّرات وعوامل، تثبت صحة هذا الاختيار، للارتباط به، والرغبة في تكوين شراكة حبّ، وسعادة حقيقية بعيدة عن وهم وزيف الفضائيات، أو بأقل تقدير تعطي الانطباع الأولي للراحة النفسية، للشاب والفتاة المقبلين على الزواج، وليس من الممكن أن تكون المؤشّرات على وصف ظاهري الشكل مادياً، أو يكون على الحبّ والنسب، وإغفال المستوى التعليمي والاجتماعي. (ص11).
ثم أخذ من رئيس محكمة تبوك إحصائية رأى أنها مخيفة في الطلاق كل 40 دقيقة فيها حالة طلاق أي 33 حالة طلاق يومياً، و12192 حالة في العام، وبنى عليها أن نسبة الطلاق في المملكة في تصاعد وارتفاع مخيف (ص12). وأخالفه في هذا لأنه لم يأخذ عينات متعددة عن مدن المملكة الواسعة، وهذا المدخل الذي جعله تمهيداً مكون من نصف صفحة فيه توجيهات للطرفين، وهذا الكتاب قد حرص المؤلف على بنائه على 25 فكرة سنمر بها حسب الحيز، وأتبعها الفهارس والتوصيات حول دور الأسرة والمجتمع في إعداد المقبلين على الزواج، استحوذ على ص 167 مع الفهرس وثبت المراجع، التي أخذت من ص 159 حتى النهاية ص 167 ومع مناسبة المرور بالفكرات قدر المستطاع عرضاً نبدأ بالأولى:
الفكرة الأولى: عنوانها يجب على كل شاب وفتاة معرفة حقوقهما قبل الزواج، هذه الفكرة بناها على الحق في الإسلام بموجب تقرير الأحكام الشرعية في القرآن والسنة النبوية، وليس نتيجة التطوير الاجتماعي أو السياسي الذي بدأ يعرف ويسمى بحقوق الإنسان في العصر الحديث، بعد تطور طويل ونمو في الدراسات القانونية والاجتماعية والسياسية، فحقوق الآدمي مضمونة بالنصوص الشرعية التي تنص بالحق وعلى ضماناته، فالحق في الحياة مضمون: {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} الأنعام 151. ونجد الإسلام اهتمّ بحق المرأة في حرية الاختيار لشريك حياتها؛ فالبكر تستأمر ثم يقول: لا بد أن تعرف الفتاة حقوقها كاملة، قبل اقترانها وأن تعرف حقوقها المدنية العامة من تعليم وعمل وموارد مالية، إذ لها حق التعليم في حالة رغبتها ولها حق فيما يناسبها، ولا يجب أن تزج بنفسها فيما لا يناسبها، وقد استمر في هذه الفكرة في سبع صفحات.
والفكرة الثانية: عن التأني في اختيار كل منهما للآخر، حيث أورد للشيخ سعود آل معجب رئيس محكمة الضمان والأنكحة بالرياض، قوله: إن من الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق، سوء الاختيار من قبل الطرفين، فنجد أن الأولياء يختارون لبناتهم أصحاب المناصب والأموال، ونجد الرجل يرغب صاحبة الجمال فقط، دون النظر للأمور الأخرى، وربط ذلك باستبيان لعدد 80 من المطلقين، و250 من المطلقات، فشكل سوء الاختيار سبباً في الطلاق بنسبة 12.5 من المطلقين، ونسبة 28% من المطلقات، وهي نسبة عالية للمطلقات، وأورد من كلام العرب شاهداً على عدم التساهل والتهاون في اختيار الزوجة المناسبة قولهم: إن على راغب الزواج أن يبتعد عن ستة أنواع من النساء:
1 - الأنّانة: وهي التي تكثر الأنين والشكوى بسبب وبغير سبب. 2 - الحنانة وهي التي لا ترضى بوضعها مع زوجها وتقارن بينه وبين غيره من الرجال. 3 - المنّانة وهي تمنّ على زوجها. 4 - الحدّاقة: التي ترمي إلى كل شيء بحدقتها فتشتهيه وتشتريه. 5 - البرّاقة التي تظل طوال النهار تصقل وجهها وتزيّنه. 6 - الشداقة الكثيرة الكلام بفائدة وبغير فائدة.
وأورد عن بعض الفلاسفة: عن كيف تختار امرأتك؟ فأجاب: لا أريدها جميلة فيطمع فيها غيري، ولا قبيحة فتشمئز منها نفسي، ولا طويلة فأرفع لها هامتي، ولا قصيرة فأطأطئ رأسي، ولا سمينة فتسدّ عليّ منافذ النسيم، ولا هزيلة فأحسبها خيالي، ولا بيضاء مثل الشّمع، ولا سوداء مثل الشّبح، ولا جاهلة فلا تفهمني ولا متعلمة فتجادلني ولا غنيّة فتقول هذا مالي، ولا فقيرة فيشقى من بعدها ولدي. (ص25-26)، ولكن هذا الفيلسوف لم يبيِّن رغبته.
وفي الفكرة الثالثة: التي ركّز فيها على أهمية النظرة الشرعية، لأن الشريعة الإسلامية، أباحت للخاطب أن ينظر لمخطوبته في ظل ضوابط شرعية مع وجود محرم، وأورد في ذلك أحاديث منها ما ثبت عن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال له رسول الله: أنظرت إليها؟ قال: لا. قال: فانظر إليها فإنه أجدر أن يؤدم بينكما” (ص28-32).
الفكرة الرابعة: تعيين الهدف من الزواج، ولماذا نتزوج؟ وبعد أن طرح أسئلة متعددة عن الهدف من الزواج قال: وبصفة عامة: فإن الهدف هو إعفاف النفس، وتكوين أسرة وإنجاب ذرية، وتربية أبناء صالحين، ويجب على الزوجين الوضوح التام في تحديد هدف كل منهما من الزواج، لأن الانحراف عن هذا الهدف يؤدي إلى التخبط في اختيار شريك حياته، ثم وضع أسئلة، وإن كان قد أورد: الطاعة لله، لكنه لم يورد تحريض رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يكاثر بأمته يوم القيامة، وغضبه من المتبتلين عندما قال لهم: إني أخشاكم لله: فأصوم وأفطر وأصلي وأنام وأنكح النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني، والله يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ} (الحشر 7).
الفكرة الخامسة: جعلها سؤالاً تقريرياً فيه شبهة تحيّر البعض من الشباب والفتيات: هل أختار بالعقل أو بالعلم؟ وأجاب بقوله: الحقيقة أن العاطفة تعني وجوداً للمشاعر الطيّبة أو الحبّ، والتوافق والانسجام ووجود قبول نفسي وارتياح في أسرة كل طرف، وهذه العاطفة فطرة بشرية، وفي هذه الفكرة وضع عدة معايير للاختيار ص 37 وقال: عند تحديد بنود التكافؤ لشريكة الحياة، يجب الانتباه إلى أن الشخص الكامل غير موجود ولذا يجب على كل من يقدم على الزواج أن ينظر إلى الجانب الإنساني للآخر، أكثر من تركيزه على الجانب الشهواني، فالزواج هو بداية لمشروع التكامل الشخصاني والوجودي للإنسان.
وسوف نمرّ بباقي فكره، حسب العنوان ليدرك القارئ ما يريد المؤلف الوصول إليه، على مبدأ: الكتاب يُقرأ من عنوانه.
الفكرة السادسة: مشكلات الاختيار، الفكرة السابعة: تأهيل الشباب والفتيات للزواج ضرورة اجتماعية، الفكرة الثامنة: التفكير الصحيح في الزواج من كل النواحي: المادية والمعنوية، والاجتماعية: الفكرة التاسعة: التوافق أو التقارب بين الزوجين في المستويات الثقافية والفكرية والنفسية. والفكرة العاشرة: الغرور والذكورية المفرطة عند بعض المقبلين على الزواج، والفهم الخاطئ للدين والقوامة والفكرة الحادية عشرة: صفات يحبها الرجل في امرأته.
الفكرة الثانية عشرة: صفات تحبها المرأة في الرجل، الفكرة الثالثة عشرة: تقارب المستوى العمري، والاقتصادي والاجتماعي بين الزوجين، الفكرة الرابعة عشرة: كيف تكسبين قلب زوجك وكيف تخسرينه، الفكرة الخامسة عشرة: كيف تكسبين أهل زوجك وكيف تتعاملين مع زوج مغرم بأهله. الفكرة السادسة عشرة: أهمية الثقافة الجنسية لكل من الطرفين، الفكرة السابعة عشرة: ضرورة الرومانسية للنساء، الفكرة الثامنة عشرة: فنون ومهارات يجب أن تتحلّى بها الزوجة لتتعامل مع زوجها، الفكرة التاسعة عشرة: الفحص الطبي قبل الزواج، من أجل مستقبل صحي آمن لأبنائكما، الفكرة العشرون: الزوجة الحكيمة مفتاح السعادة الزوجية، الفكرة الحادية والعشرون: إحسان الظن مهم للغاية في الحياة الزوجية، الفكرة الثانية والعشرون: هل نستمع لأهل التجارب الفاشلة في الزواج، الفكرة الثالثة والعشرون: لنتجنب الرثاثة وقلة النظافة، الفكرة الرابعة والعشرون: روح المرأة في أنوثتها، الفكرة الخامسة والعشرون: الزواج النكدي.
هذه الفِكَرُ لمن أراد الإعانة لكل واحدة فقد شرحها المؤلّف وللراغب مطالعتها في الكتاب، كما وضع المؤلّف في ختام كتابه توصيات حول دور الأسرة في إعداد المقبلين على الزواج في أربع عشرة صفحة ونصف الصفحة (143 - 157) وهو كتاب مفيد للشباب والفتيات المقبلين على الزواج لمزيد الفائدة.