أين تذهب هذا الصيف؟ سؤال نردده كل عام عند الاستعداد لقضاء إجازة الصيف. وفي كل صيف يصل الاهتمام الدولي بالسياحـة إلى ذروته وتسعى كل دول العالم لاستقطاب السياح الذين يقدر عددهم بنحـو 700 مليون سائح ينفقون أكثر من 650 مليار دولار أمريكي سنوياً. وفي ظل هذا الزخم ينشأ صراع غير متكافئ بين السياحـة الداخلية والسياحـة الخارجية، إذ ما زالت السياحـة الخارجية تستحـوذ على النصيب الأكبر من ميزانية الإنفاق السعودي الكلي على السياحـة.
ويقدر إنفاق السعوديين على السياحـة الخارجية في العام بأكثر من 30 مليار ريال سعودي. هذا الأمر يستدعي إعادة ترتيب عوامل الجذب والتكافؤ بين السياحـة الداخلية والسياحـة الخارجية، بحـيث يكون للاقتصاد السعودي نصيب معقول من إنفاق السعوديين الكلي على هذا النشاط. نحن نلحظ أنه مع إطلالة كل صيف تتجه أنظار غالبية السائحـين السعوديين نحـو مناطق الجذب السياحـي في العديد من دول العالم، في حـين تتلهف عليهم المناطق السياحـية الداخلية ولا تكسب إلاّ القليل منهم. ويظل هذا التحـيز الصارخ نحـو الخارج يؤرق الفعاليات السياحـية الداخلية التي وجدت نفسها في ساحـة منافسة شرسة وغير عادلة، وإن كانت تتطلع بشغف إلى الهيئة العامة للسياحـة والآثار، وما يمكن أن تقوم به من دور قيادي فاعل في تنمية السياحـة الداخلية وتطويرها بشكل يستثمر قدراتها وإمكاناتها ويوفر لها مناخاً استثمارياً ووعياً اجتماعياً يعطيها ميزة تنافسية تمكنها من الحـصول على نسبة جيدة من الإنفاق الكلي المتزايد على السياحـة. هذا التطلع يتطلب التعامل مع السياحـة الداخلية كنشاط اقتصادي واعد يمكنه أن يكوِّن صناعة تحـقق مساهمة جيدة للناتج المحـلي الإجمالي إذا بُني على أسس استراتيجية تؤطره في نهج التنمية المستدامة.
- رئيس دار الدراسات الاقتصادية - الرياض