في الأسبوع الماضي كنت في أحد الأسواق لكوني (زوجاً مطيعاً) ومغلوباً على أمري كما أخبرتكم مراراً وتكراراً، وقد لفت انتباهي عدد المتسوّقات اللاتي يتحدثن بالهاتف أثناء تبضعهن، ويكاسرن البائع في نفس الوقت، ولغير المتخصصين (يكاسرن) تعني يطلبن تخفيضاً في السعر، المقصود أنهنّ بالإضافة لذلك يتجادلن مع المتسوِّقات الأخريات حول الألوان والمقاسات..؟!
وهذه قدرة عجيبة على (الثرثرة) وميزة جديدة (للمرأة) اكتشفناها مع انتشار التقنية، لا يستطيع عليها الرجال، إذا ما استثنينا السيد تيم شاديولت عمدة مدينة (أنفيركارجيل النيوزلندية) الذي شذَّ عن قاعدة الصمت الرجالية، وجلس يتحدث ويثرثر في مواضيع عدة في أطول مقابلة تلفزيونية في التاريخ امتدت لأكثر من 26 ساعة متواصلة دون أن ينبح صوته..!
هناك قاعدة تقول: (امرأة تثرثر) مشكلة تتعقد أو مصيبة ستقع..!
أنا أتفهم (التكوين الفسيلوجي) للمرأة والمسبِّب الرئيس للثرثرة المتواصلة، وقاتل الله (هرمون أوكسيتوسين) الذي يدفع المرأة للتحدث بكثرة لتفريغ شحنات الطاقة لديها والتخلص من الضغوط والصدمات النفسية والعصبية، ولكن الأمر يحتاج إلى نصائح وضبط للتخلص من الآثار الجانبية لكثرة (البربرة النسائية)..؟!
أولاً: ما يخص الزوج أو المحيطين بالمرأة فيجب التعامل مع (الثرثرة النسائية المتواصلة) كنوع من أنواع العلاج النفسي المضمون النتائج، لأنه ثبت طبياً أن (التفريغ بالكلام) له آثار إيجابية في التخلّص من الاكتئاب أو القلق النفسي (للمرأة) فتحمّل يا رعاك الله واحتسب..!
ثانياً: ما يخص المرأة فيجب التفريق أولاً بين (الثرثرة والفضفضة) فالأولى مقيتة والثانية حميدة، ولمعالجة الثرثرة عبر الهاتف وهي أكثر (الأنواع انتشاراً) يجب التخلص من الألغاز والكلام المغطى والأسماء المستعارة حتى لا يشعر المحيطون أن هناك (مخططاً إجرامياً) يتم الإعداد له..!
كما أن هناك (ملاحظات بسيطة) يجب مراعاتها لتكون الفضفضة مقبولة: لا تطيلي الحديث أمام زوجك والآخرين، عوّدي نفسك على إجراء المكالمة لغرض واضح وتعرفين متى تتوقفين، احذري قد لا تجدين إجابة من الطرف الآخر على الهاتف في الاتصال القادم بسبب كثرة الثرثرة، اجعلي (فاتورة الجوال) نصب عينيك وضعي (صورة زوجك) دوماً على الشاشة لعلك تشفقين عليه من مبلغ الفاتورة، تذكّري أن هناك بدائل للثرثرة (بالكتابة على الورق) وهذا يساعد على بقاء أسرارك داخل بيتك وبعيداً عن الأخريات.. عندها ستتخلصين تدريجياً من هذه العادة المزعجة!
في نهاية المطاف لا أعلم ما هي المهارات الأخرى للمتسوِّقات أثناء (الثرثرة)، لأنني انشغلت بمكالمة هاتفية حتى خرجت من السوق (فضفضت) خلالها عن كل ما يجول بخاطري بسب ارتفاع الأسعار ومشاهد الثرثرة التي أراها..!
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.net