تحتفل المملكة العربية السعودية بالذكرى السابعة لبيعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - فهذه الذكرى محفوظة في القلوب، فتبتهج النفوس بحلولها، وكيف لا يكون ذلك وهي ذكرى بيعة ملك نذر نفسه لخدمة شعبه وبلاده، فالصغير والكبير يحترم هذه القامة الشامخة بمجدها ومنجزاتها، فالانجازات متتابعة من يوم لآخر ومن شهر لما بعده ومن سنة إلى قادمة، إنه البناء المتتابع والسير نحو المستقبل بخطى ثابتة، فالمتحقق يبنى عليه ما بعده، أما الوقوف والانتظار فليس من صفة خادم الحرمين الشريفين، وإنما صفته الجد والمثابرة والنظر إلى المستقبل بعين لا تمل التقدم، وقلب شغوف برفاهية الشعب السعودي، إن هذا الشعب يحترم قائده ويقدر له خطواته المباركة التي نقلت البلاد إلى وضع يحترمه القريب والبعيد.
لقد دأب خادم الحرمين الشريفين على عز بلاده عن طريق بناء العقول في الدرجة الأولى، فالتعليم حظي بنصيب الأسد عن طريق التوسع في المدارس والجامعات في الداخل، والابتعاث المكثف إلى العديد من دول العالم في الخارج، إن الاستثمار في العقول هو الاستثمار المربح، فمهما صرف على التعليم فهو ربح وليس خسارة، لأن الشباب المتعلم يشغل وظائف الطب في المستشفيات، ووظائف الهندسة في مواقع البناء، ووظائف التدريس في التعليم العام، وفي الجامعات، فما يخرج من نقود تنصب في جيب المواطن لتعود ثانية إلى جيب التاجر السعودي، إن جودة التعليم هي التي تبني البلاد، فتوجد المصانع، ومراكز البحوث، وتجلب احترام البلد، ومن يقيم على أرضه، وإذا كنا بصدد إنجازات الملك عبد الله - حفظه الله - فلنذكر بعضاً منها مما يشاهده الناس على اختلاف فئاتهم، فبناء السكك الحديدية ابتدأ من الشمال وانحدر إلى الجنوب، فركبت القضبان، وبنيت الجسور، وسار القطار في بعض المواضع المنجزة، إن هذه السكة الحديدية المنجزة في عهد خادم الحرمين الشريفين دلالة على البناء الجاد والعمل المتواصل، ومما يشاهده المواطن والمقيم المدينة الجامعية بجازان التي تبنى بستة مليارات، فهي معلم بارز في جنوبي المملكة العربية السعودية، ومثلها المدينة الجامعية بنجران التي تبنى بخمسة مليارات، ومن المعالم التي تفرض نفسها على المشاهد مدينة الملك عبد الله الاقتصادية في مدينة الرياض، فهذا المجمع مدينة متكاملة، والعمل فيه متتابع منذ سنوات والإنجاز يرى كل يوم، ومنها جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن التي أنجزت منذ أشهر، فهي أنموذج للجامعة المكتملة المرافق، ثم إنها من معالم الرياض، فكل قادم إلى الرياض عن طريق المطار يرى هذه الجامعة الأنموذج، ومع هذا الصرف على المشروعات العملاقة فإن اقتصاد البلاد ثابت وقوي.
إن خادم الحرمين يراقب المسؤول ويوجهه فإذا رأى نقصاً في إنجازه أعفاه من منصبه، وهذا ما شاهدناه، مما يدل على المتابعة الدقيقة، والحرص على مصلحة المواطن والوطن، ومسألة المواصلات من المسائل التي يعاني منها المواطن والمقيم، وخصوصاً في المدن الكبيرة، مثل مكة والرياض وجدة والدمام والمدينة، ولاشك أن خادم الحرمين الشريفين لديه علم بما يحصل من الحافلات القديمة التي لا تحترم نظام المرور، بدليل احترامها لساهر فقط أما إذا لم يوجد ساهر فإنها تخالف متى شاءت، وقد أمر الملك حفظه الله بحل مسألة المواصلات في المدن عن طريق القطارات والحافلات اللائقة بمدن المملكة العربية السعودية، فالمدن الكبيرة تنتظر إنفاذ أمر خادم الحرمين الشريفين، لعل الاختناقات التي تحاصر المركبات تزول أو تخف بنسبة كبيرة، إن القطارات المنتظرة في مدينة الرياض ستربط شمال العاصمة بجنوبها وغربها بشرقها، مما يسهل على المواطنين والمقيمين الوصول إلى أعمالهم بدون استخدام سياراتهم الخاصة، إن كثافة السيارات في الجامعات أمر مقلق للمرور، فكل طالب معه سيارته، وقد ضاقت المواقف، ووقف في أماكن لم تعد للوقوف، فإذا كان الوضع يزداد تعقيداً من سنة إلى أخرى تبينت لنا الحاجة الماسة للقطارات، ومن ثم الحافلات المتنوعة ما بين صغيرة وكبيرة لنقل الركاب من محطات القطار إلى كليات الجامعة أو الأحياء القريبة من محطة القطار، إن اهتمامات خادم الحرمين الشريفين ليست خاصة بالشعب السعودي، وإنما هي للمسلمين عامة، فمن يشاهد المشروعات المنفذة في مكة المكرمة يجزم بحرص الملك عبد الله يحفظه الله على راحة الحجاج والمعتمرين في مناسكهم وسكنهم وتنقلاتهم، إنها مشروعات بذلت فيها الأموال الطائلة من أجل تيسير الحج في الطواف والسعي ورمي الجمرات والانتقال في المشاعر عن طريق القطار الذي تم تنفيذ مشروعه بكل اقتدار، وقد استثمر في أجزاء من المشاعر، وَسَيَعُمُّهَا بإذن الله في السنوات القليلة القادمة.
إن أزمات الحج التي تحصل في الجمرات والسعي والطواف ستختفي في السنوات القليلة القادمة، لأن العمل الدؤوب ستكون ثمراته راحة للحجاج والمعتمرين، بالإضافة إلى المواطنين والمقيمين، إن العمل الجاد يثمر نتائج إيجابية تبقى للأجيال القادمة بالإضافة إلى خدمتها للجيل المعاصر لها.
لقد سمعنا من خادم الحرمين الشريفين قوله للمسؤول: (يا إخواني وأحملكم مسؤولية كبيرة لأنكم اخترناكم من بين شعب المملكة العربية السعودية) بما أن خادم الحرمين الشريفين أودع مسؤولية الصحة أو التعليم أو النقل أو غيرها إلى رجال إئتمنهم عليها فواجبهم تقدير ذلك ووقوف المسؤول أمام الملك في يوم البيعة ليقول هذه إنجازات وزارتي أو مصلحتي في السنة المنصرمة، لقد قال خادم الحرمين الشريفين قوله ذاك عندما وضع حجر الأساس لثماني عشرة مدينة جامعية في يوم 9-6-1433هـ أي قبل ذكرى البيعة بأسبوعين، قال يحفظه الله (الحمد لله رب العالمين، ولله الحمد ما لنا إلا الشكر من الصغير والكبير للرب عز وجل، الحمد لله رب العالمين، الله أكرمنا وأعطانا وساعدنا، والشكر واجب على كل مسلم ومسلمة وكل من سكن المملكة العربية السعودية، والحمد لله رب العالمين ما عملنا إلا الشيء الواجب علينا، وإن شاء الله الأيام المقبلة أي شيء نراه في خدمة ديننا ووطننا ويساعد شعبنا للنهوض بهذا البلد الأمين فما نحن مدخرين أبداً أبداً، وكلكم أطلب منكم أنتم يا إخواني وأحملكم مسؤولية كبيرة لأنكم اخترناكم من بين شعب المملكة العربية السعودية ولازم تقدرون هذا، ولازم تتحملون المسؤولية وتؤدون واجبكم نحو دينكم ووطنكم وشعبكم).
وقد استرسل خادم الحرمين الشريفين في خطابه موجهاً المسؤولين إلى فتح أبوابهم لأصحاب الحاجات من المواطنين والمقيمين، بل إنه حفظه الله كرر قوله بأن لا تغلق الأبواب أمام الناس، فالمسؤول ما وضع في ذلك المكان إلا لخدمة شعب المملكة العربية السعودية ومن يقيم على أرضها.
وقبل وضع حجر الأساس للمدن الجامعية بيوم دعم خادم الحرمين طلاب الطب برفع مكافأة طبيب الامتياز، فجاءت هذه المكرمة في وقتها حيث لهج طلاب الامتياز بالدعاء للقائد بطول العمر، تلك مكرمات توالت في ذكرى بيعة خادم الحرمين الشريفين.
ومكانة خادم الحرمين الشريفين في المحافل الدولية معروفة لأن المملكة تمد يدها إلى المحتاج من منطلقات عربية وإسلامية وإنسانية، وتلك المساعدات تكون بالمال أحياناً وبالتأثير عن طريق مكانة المملكة في مفاوضات أو مساعدة طبية أو تعليمية أو غير ذلك، ووسام اليونسكو الذي قلدته المنظمة خادم الحرمين الشريفين لجهوده في تعزيز ثقافة الحوار والسلام دليل على نهج المملكة المعتدل وانتصارها للحق عن طريق الحوار.
تهنئة من الشعب الوفي للقائد الفذ عبد الله بن عبد العزيز بالذكرى العطرة ذكرى البيعة السابعة، أدام الله على مليكنا نعمته وألبسه ثوب الصحة والعافية.