سنحت لي الفرصة لحضور منتدى الإعلام العربي الحادي عشر والذي أقيم الأسبوع الماضي في دبي، وقد حضره عدد كبير من الإعلاميين والمختصين في مجال التحليل الإعلامي في العالم العربي.
ومن ضمن المطبوعات والإصدارات التي تم توزيعها خلال المنتدى إصدار بعنوان (نظرة على الإعلام العربي 2011-2015) والذي يتضمن توقعات وتحليلات وسائل الإعلام التقليدية والرقمية في المنطقة العربية، ولا أكاد أجد مجلساً إعلامياً إلا ويتحدث عن هذا الجانب وكيف يمكن للإعلام الرقمي ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعية الحديثة أن تؤثر على الإعلام التقليدي، خصوصاً مع تراجع الإنفاق على الإعلان عبر المنطقة العربية بمعدل 12% العام الماضي، وقد كان التراجع كبيراً في أسواق مثل مصر إذ بلغ - 30%، والبحرين - 45%، وليبيا -45% ولاشك أن لما حدث من ثورات عربية تأثير كبير على هذا التراجع.
وعلى الرغم من هذا التراجع الحاد في بعض الدول إلا أن التقرير يشير إلى أن هناك توقعاً بأن تزيد نسبة نمو الإعلان 5.9% بين عامي 2011 و2015، وعلى صعيد صناعة الصحف المطبوعة أوضح التقرير أن هذه الصناعة تواجه منعطفاً خطيراً حيث سجلت معدلات تداول الصحف أدنى مستوياتها عام 2011م، وعلى الرقم من انتشار وسائل التواصل الاجتماعي الإلكترونية بين أفراد المجتمع إلا أن هذا الانتشار يعد بطيئاً في المنطقة مقارنة بمناطق أخرى في العالم.
أما على مستوى القنوات الفضائية العربية المجانية، فيذكر التقرير أن هناك قرابة 540 قناة تلفزيونية مجانية تبث من المنطقة العربية، وهناك زيادة مطردة في القنوات غير أن الجمهور والعائدات الإعلانية لا تزال محصورة على عدد قليل من القنوات الفضائية العربية والمجانية وهي MBC وروتانا، في حين لا يزال البث التلفزيوني المدفوع ضعيفاً في المنطقة نظراً لعدم وجود رقابة قوية على أجهزة فك التشفير غير القانوني.
وحيث إن أكثر من 50% من السكان هم دون سن الـ 25 فقد جاءت الأجهزة الرقمية في الوقت المناسب لتستفيد منها وسائل الإعلام ولتسحب البساط من تحت الوسائل التقليدية وذلك من خلال أجهزة الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية.
أما على مستوى الإذاعة فقد تزايد نمو عدد المحطات الإذاعية مؤخراً بمقدار 37% بين عامي 2009م و2011م وساهمت الأنظمة الجديدة التي أعلنت في بعض الدول العربية لتأسيس قنوات إذاعية في زيادة هذه القنوات مما استقطب نسبة جديدة من المتابعين للمواد الإعلامية.
في اعتقادي ومن خلال حضور بعض الجلسات التي كانت موجودة في المنتدى ومن خلال التقارير الصادرة من عدد من مراكز الدراسات والبحوث أن الإعلام العربي يتجه وبشكل واضح نحو الاستفادة القصوى من وسائل التقنية الحديثة مقابل تقديم المزيد من الشفافية والوضوح، والميزة الرئيسية في الإعلام العربي اليوم أنه يقوم على أكتاف شباب وشابات ليخاطبوا في المقابل الأغلبية في مجتمعاتهم والتي يمثلونها هم وبنفس اللغة وهو ما يمكن أن يضمن قدرا كبيرا من الوضوح كما أن الإعلام اليوم لا يرضخ للسيطرة والتحكم فهو إعلام حر وفي المقابل فإن تكاليفه أقل من الإعلام التقليدي ولذلك فلن يكون خاضعاً لأي ضغوط سواء كانت من الجهات الحكومية أو الخاصة.
ما حدث في وسائل الإعلام خلال العشر سنوات الماضية أكبر بكثير مما حدث فيها منذ عشرات السنين وهذا كله من المفترض أن يتم تسخيره لخدمة المجتمعات وتنميتها وتطويرها.