تأتي التقارير الدولية عن حقوق الإنسان في المملكة وفي غيرها من الدول محملة بالكثير من قصص المخالفات والانتهاكات التي قد يكون بعضها صحيحاً وبعضها مبالغ فيه أو غير صحيح على الإطلاق. وفي تقديري أنه ليس من الحكمة أن نرفض هذه التقارير لمجرد أنها لا تعجبنا حتى وإن كانت مبنيَّة على حالات فردية أو تنطوي على مبالغة.
الأفضل هو أن نصحح المعلومات إن كانت خاطئة أو نصحح أوضاعنا إن كانت تحتاج إلى تصحيح.. فهذه التقارير لا تُكتَب ضد «السعودية» فقط وإنما ضد جميع دول العالم بما فيها الدول التي تُعتبر في المقدمة في حقوق الإنسان وفق التعريفات السائدة عالمياً لحقوق الإنسان والتي هي -للأسف- منحازة في غالبيتها إلى «القيم الغربية» وليس بالضرورة إلى «القيم الإنسانية» في جميع الأحوال.
بعض ما تتضمنه هذه التقارير من «القصص والحكايات» التي يتم الاستشهاد بها لدمغ «السعودية» بتهمة انتهاك حقوق الإنسان هي، بالفعل، حالات فردية لا يجوز التعميم من خلالها على أوضاع حقوق الإنسان في المملكة، وخصوصاً في مجال العمالة الوافدة.. وتحديداً العمالة المنزلية. فنحن وإن كنا نرى مساحة لتحسين أوضاع العمالة المنزلية نعلم أن بعض القصص التي تتضمنها التقارير الدولية ليست دقيقة، ويندر أن توجد عائلة سعودية لم تكتوِ بمخالفات هذه العمالة، وخصوصاً حالات «الهروب غير المبرر».. ومع ذلك ليس من الحكمة أن نعمم، من جانبنا نحن أيضا، بالقول إن هذه القصص غير صحيحة ثم نكتفي بذلك. فالعالم كله يصغي في هذا الزمن حتى إلى أتفه القصص والأخبار عندما تنطوي على إثارةٍ ما، ومن النادر أن يتوقف للتأكد من صحتها.. لكنه في المقابل أعطى المساحة للجميع للتعبير عن أفكارهم وتوصيل ما يعتقدون أنه «الحقيقة» من خلال شبكات لا نهاية لها في مجال نقل المعلومة.
من المؤسف أن انتهاكات حقوق الإنسان يتم تسييسها، ونحن نعرف ذلك من تجربة حية ومتواصلة تتمثل في انتهاكات حقوق الإنسان الفلسطيني التي لا تحظى إلا بالقليل من الاهتمام العالمي.. وهذا يجب أن لا يحبطنا بل يدفعنا إلى بذل جهود أكبر سواء في مجال دعم حقوق الإنسان في بلدان مثل فلسطين أو في توضيح أوضاع حقوق الإنسان في السعودية.. والأهم من ذلك هو إزالة أي انتهاكات لحقوق الإنسان هنا في بلادنا أينما وكلما وُجدت.
يجب أن نتذكر أن «السعودية» اسمٌ كبير على الساحة العالمية. هذه حقيقة يعرفها الجميع ولا نحتاج إلى تأكيدها.. وهي حقيقة ندفع ضريبتها من خلال متابعة أوضاعنا من قبل الغير إما بحسن نية أو بسوء نية.. الأمر الذي يحتم علينا أن نكون جاهزين باستمرار لعمل ما يليق بسمعة هذا الاسم الكبير.
alhumaid3@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض