سعادة رئيس تحرير صحيفة الجزيرة الأخ الأستاذ خالد بن حمد المالك وفقه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هناك سوق إن شئت أن تسميه سوقاً تجارياً أو سوق الشهرة، يدخله من شاء في أي وقت شاء دون رقيب أو حسيب، أو حتى مؤهلات علمية. هذا السوق أرضه خصبة عند ضعفاء النفوس والنساء والعوام من الناس. فتح السوق على مصراعيه لمرتاديه وزواره ومعاينيه، الذين يبيعون ويشترون فيه.. هذا السوق هو سوق: الرقية والرؤى والأحلام! أوافق أخي سلمان بن محمد العمري في مقالة له كتبها في جريدة الجزيرة عدد 14449 يوم الجمعة 28-5-1433هـ، وشدني وأعجبني ما كتب بطرحه المعتدل المنضبط.. إذ نحن لا نحارب الرقية ولا تعبير الرؤى أبداً، لا يفعل هذا إلا جاهل أو مكابر، لكننا جميعاً ضد الممارسات الخاطئة التي تمارَس عند بعض المعبِّرين أو الرقاة الشرعيين، وخصوصاً ما يُعمل في وضح النهار في بعض القنوات الفضائية، من ممارسات لا تستسيغها الأذن، وينكرها القلب السليم. فمن خلال متابعتي لبعض البرامج وجدت أن هناك من يبيع الوهم لمتصليه ومرتاديه، تعبيره لا ينفك عن السحر والعين والحسد؛ فجمع بين الرقية والتعبير؛ فأثر ذلك دوماً على أجوبته، بل يمارس بعضهم قدراته على السائلين بكثرة تحقيقاته التي يطرحها، ثم يبني بعد ذلك بجواب يعتقد أنه بلغ في تعبيره ابن سيرين - رحمه الله - وهو لم يأتِ بجديد أصلاً.. لست هنا بصدد ذكر تلك الممارسات الخاطئة الكثيرة، لكنني بصدد التعقيب على مقالة أخي سلمان، وأن نتناول الموضوع بوسطية واعتدال، حتى في حله، فلا يصح إقفال الباب جملة وفتحه تماماً على مصراعيه جملة وتفصيلاً.. يرتع ويلعب فيه من شاء ممن لا حظ له إلا الشهرة أو المال أو الشهوة - والعياذ بالله - مع وجود الأتقياء الأوفياء المخلصين الناصحين في هذا الباب حتى نكون منصفين للجميع.. لكن السؤال الذي لا بد أن يكون له جواب: من المسؤول عن هذا العبث الإعلامي؟! لا بد أن يحدد الجواب، وألا نرمي به على كل أحد.
أختم تعقيبي هذا بما أورده الإمام مالك - رحمه الله - لما قيل له: أيعبر الرؤى كل أحد؟ قال أبالنبوة يُلعب! إذ هي من أجزاء النبوة؛ فلا يلعب بها.. فعلى الجميع مراقبة الله تعالى، وعلى السائل عن رؤاه أن ينتقي المعبِّر الثقة المتزن بالكتاب والسنة، وعلى المعبِّر أن يراقب الله فيما يقول ويذر، وألا يقحم نفسه في هذا إلا مَنْ كان أهلاً له.. وعلى المجتمع أن يعي ويسعى لفن التعامل مع الرؤى والأحلام كما جاءت عنه صلى الله عليه وسلم.
شكري لكم جميعاً لقراءتكم ما كتبت وعقبت، وشكري للأخ الفاضل سلمان العمري.. ودمتم بود وخير.
عايض بن محمد العصيمي