لا بد من أن الصحفيين المخضرمين من الإخوة اللبنانيين يتذكر ون ما قاله الرئيس اللبناني الأسبق شارل الحلو لدى استقباله كبار الصحفيين اللبنانيين الذين حضروا لتهنئته بالمنصب الرفيع بعد انتخابه، وكان الصحفيون اللبنانيون أكثر الناس سعادة بانتخاب زميل سابق لهم كون الرئيس شارل الحلو صحفياً سابقاً.
الرئيس الذي استقبل زملاء المهنة بعبارة جسدت الواقع الصحفي آنذاك، إذ قال لهم: «أهلاً بكم في بلدكم الثاني..!!». وبين قهقهات الزملاء والألم الذي يختزنه الرئيس الذي يعرف خبايا الأمور، ظلت عبارة الحلو حاضرة اليوم، والتي يستحق أن تقال للسياسيين اللبنانيين المعاصرين اليوم الذين تثبت الأحداث وآخرها ما يشهدها الشمال اللبناني، طرابلس وعكار أن هؤلاء السياسيين لا يهمهم مصير بلدهم «الثاني»، إذ يعمل هؤلاء السياسيون و»بوعي» على جعل لبنان ترساً للدفاع عن نظام مهترئ يقاوم السقوط بعد أن ثار علىه شعبه. ولأن المؤسسات الرسمية في لبنان مسيّسة وكل جهة رسمية تتبع الطائفة والحزب الذي عمل على (التوزير) بجعل رجله وزيراً أو رئيس المصلحة أو المدير العام ينفذ أجندات ذلك الحزب أو تلك الطائفة، وهكذا افتعلت المديرية العامة للأمن العام المشكلة في طرابلس، واستدرجت مواطناً إلى مقر الوزير محمد الصفدي بزعم تقديم مساعدة مالية لعلاج ابنته التي تعاني من مرض مزمن لتتفجر الاضطرابات بين أهل السنة والعلويين، وبعدها بأيام يفجر الجيش اللبناني أزمة أخرى في عكار عندما استهدف قتل الشيخ أحمد عبدالواحد الذي كان معروفاً بعمله للخير، ورعاية الفقراء وخاصة اللاجئين السوريين الفارين من ظلم قوات بشار الأسد لتتفجر أزمة أخرى في الشمال حيث بدأ أهل السنة يشعرون بأنهم مستهدفون وأن جهات رسمية من أمن وجيش تتعاون مع حزب الله وأحزاب العلويين مثل الحزب القومي السوري للانتقام من أهل السنة في شمال لبنان لأنهم يدعمون المظلومين في سوريا وثورتهم على النظام العلوي الجائر.
امتداد القمع والقتل من سوريا إلى لبنان لملاحقة الفارين من السوريين ومن المتعاطفين معهم خدمة لنظام قمعي يقوم به لبنانيون يقتلون أبناء وطنهم لإنقاذ نظام بلد آخر، بلا حياء ولا خجل مؤكدين ما قاله شارل الحلو بأنهم يعيشون في بلدهم الثاني والذي لا يستحق منهم أن يربطوا مصيره بمصير نظام يوشك على الرحيل.
jaser@al-jazirah.com.sa