نؤمن جميعاً بالقضاء والقدر وأن الحوادث والمصائب تكون مكتوبة عند رب العالمين قبل حدوثها، لكن في الوقت ذاته نؤمن تماماً بأن الله قد خلق لنا عقولاً نفكر بها، نعي ونميز، ونستطيع من خلالها فهم الكثير مما حولنا للوصول إلى بر الأمان، من باب أن المرء لايلدغ من جحر مرتين، وان لكل داء دواء، فحين يدرك المرء الأسباب الحقيقية للفشل أو لحادث ما كان يوماً سبباً لضياع الكثير من الأرواح، هنا لابد له من التفكير في هذا الأمر والتوصل إلى اختراع أفضل أو تحسين وإعادة صياغة لماهو موجود..
لا أعتقد إطلاقاً بأن بيننا اليوم من لم يصل إلى سمعه ما يسمى «الأمن والسلامة».. التي تتضمن إجراءات لابد من اتباعها لتفادي وقوع الحادث مرة أخرى..
أتمنى أن نجعل لأيام الحوادث التي مررنا بها يوماً نحيي فيه ذكراه كما يحدث في الدول المتقدمة، وذلك ليس رغبة في استعادة الآلام والأحزان أو لتقريع المتسبب وحسب وإنما لعدم نسيان الحادث ولمراجعة الملفات الماضية لأجل دراسة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى مثل هذا الحادث أو ربما الكارثة، وإتخاذ الإجراءات الوقائية لعدم تكراره مستقبلاً.. ووضع هذه الأسباب عملياً على بساط البحث والمناقشة لتلافي حدوثها مرة أخرى وأن يتم إشراك كافة الجهات المعنية في ذلك، على سبيل المثال : حادث حريق مدرسة البنات ( براعم الوطن ) في جدة الذي كان صدمة حقيقية للمجتمع بأكمله وكان حادثاً مؤسفاً ذهب ضحيته عدد من الطالبات والمعلمات، مابين وفيات إلى إصابات، يتطلب الأمر عدة إجراءات وتدابير لتلافي حدوث ذلك مستقبلاً، وذلك من خلال تحديد يوم في العام لذكرى تلك المأساة، ثم يتم التركيز على ما يلي:
- تشجيع المشاركة الشعبية في أمن وسلامة المنشآت الحكومية والخاصة.
تتضمن هذه المشاركة كافة فئات المجتمع بدءاً من المسؤولين عن الإعلام والصحة والأمن، ثم القائمين على التثقيف والتعليم من أساتذة ومشرفين مختصين من الجنسين، ثم القائمين على الإعلام، ثم الأسر بأفرادها، تتضمن هذه المشاركة عدة مطالب منها توعية الناس من خلال وسائل الإعلام بشروط الأمن والسلامة، على أن يتضمن ذلك تجارب عملية جادة.
- أيضاً تتضمن هذه المشاركة الرقابة على أمن وسلامة المنشآت في أن يتأكد أولياء الأمور بأنفسهم عند إلحاق أبنائهم وبناتهم إلى المدارس سواء كانت الحكومية أو الخاصة بأن المباني مطابقة للمواصفات. وأن يتم تدريب الأبناء والبنات على كيفية التعامل عند الحوادث منذ بداية العام على أن يتم إشراك أولياء الأمور في ذلك، وأخص بالذكر هنا مدارس البنات.
- تشديد الإجراءات الرسمية المتبعه من قبل وزارة التربية والتعليم فيما يختص بمواصفات الأمن والسلامة.
- إعادة مراجعة قوانين وأنظمة الأمن والسلامة بشكل شامل، إضافة إلى مراجعة السياسات والإجراءات المتبعة في تطبيق شروط الأمن والسلامة.
- أن يتم تفعيل كل ذلك بشكل عملي و جاد من خلال إقامة الندوات العلمية التي يتم بثها عبر وسائل الإعلام المختلفة. يتضمن ذلك التأكيد على أن يكون الأمن والسلامة أحد السياسات الهامة المتبعة في كافة أنحاء الوطن وأن يتم إقرار وتفعيل العقوبات على مخالفيها أو المستهترين بها.