|
القاهرة - مكتب الجزيرة - علي فراج - نهاد ماجد - نهى سلطان:
تتجه أنظار العالم اليوم إلى مصر، حيث تشهد أرض النيل ميلادا سياسيا جديدا، ينهي نحو ستة عقود للجمهورية الأولى التي تأسست على شرعية ثورة يوليو 1952 التي قام بها تنظيم الضباط الأحرار، ويؤسس ذاك الميلاد السياسي الجديد للجمهورية الثانية التي جاءت على شرعية الثورة الشعبية التي قام بها المصريون بمختلف طوائفهم وميولهم السياسية والثقافية وطبقاتهم الاجتماعية، ضد الرئيس السابق حسني مبارك في 25 يناير 2011، ويأمل المصريون أن ينهض الرئيس المنتظر بالبلاد ويعيد إليها الأمن والأمان وينهي حالة من الفوضى التي صاحبت الثورة، ويؤسس دولة ديمقراطية تقوم على الحرية والعدل والمساواة وتكافؤ الفرص.
عندما تدق الساعة الثامنة من صباح اليوم الأربعاء يتوجه نحو 51 مليون مصري إلى الاقتراع داخل 13 ألف لجنة فرعية، لاختيار رئيسهم الجديد بشكل ديمقراطي وفي انتخابات تعددية تحدث لأول مرة، لينهوا بذلك عصر الحكم الفرد «عصر الفراعنة»، ومن المقرر أن تستمر عملية التصويت لمدة يومين، ويشرف عليها نحو 14 ألف قاض بمعدل قاض على كل صندوق، وقال مصدر قضائي رفيع المستوى بأن اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية أجرت اتصالات برؤساء المحاكم الابتدائية لحثهم على تيسير العمل داخل المحاكم وتمكين مندوبي المرشحين الحاصلين على تفويضات من الدخول اللجان الفرعية التي ستجرى فيها عمليات الاقتراع والفرز عن طريق التصديق على التفويضات وتسجيل أسماء الوكلاء في كل لجنة يريد الدخول فيها، وأشار إلى أن تلك التفويضات مجانية ولا تحتاج سوى أن يقوم كل مرشح بكتابة تفويض لمندوب والذي يتم التصديق عليه أمام رؤساء المحاكم الابتدائية، مشيراً إلى أن مهمة هذا المندوب هي أن يفوض عن المرشح في الدخول إلى اللجان الفرعية ولا يسمح لأكثر من مندوب لمرشح واحد بالدخول ولا بد أن يكون مقيداً في اللجنة المتواجد فيها ويمكن لرئيس اللجنة الفرعية إجراء قرعة بين مندوبي المرشحين في حالة الزحام ويسمح فقط بإدخال من 5 إلى 8 مندوبين فقط.
وقد شهد أمس انتشار وحدات من الجيش والشرطة بطول البلاد وعرضها من أجل تأمين عملية الاقتراع، وكان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحاكم في البلاد قد أصدر بيانا قال فيه إن مصر تشهد خلال الساعات المقبلة إجراءات انتخاب رئيس الجمهورية، في إطار الجهود المبذولة لاستكمال وإعادة بناء الدولة، طبقًا لخارطة الطريق الخاصة بالفترة الانتقالية وأكد المجلس على ضرورة مشاركة كل المصريين، وعدم تخلفهم عن عملية اختيار رئيسهم القادم، الذي تعقد عليه الآمال في العبور بالبلاد إلى آفاق التقدم والازدهار والاستقرار، مؤكدا أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يقف على مسافة واحدة وبكل شرف ونزاهة من جميع مرشحي الرئاسة، تاركا للناخب المصري حريته الكاملة في الاختيار.
فيما وصلت إلى القاهرة وفود جامعة الدول العربية وعدة شخصيات دولية من مختلف دول العالم للمشاركة في مراقبة ومتابعة الانتخابات الرئاسية وقالت مصادر مسئولة باللجنة العليا للانتخابات الرئاسية التي تتولى استقبال الوفود في صالة كبار الزوار بمطار القاهرة الدولي إن المراقبين سيقومون بمتابعة الأنشطة الخاصة بإدارة الانتخابات والحملات الانتخابية والتصويت وعمليات العد والفرز ولقاء مسؤولي الانتخابات وممثلي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني حيث سيلتزم المراقبون بالدليل الإرشادي ومدونة قواعد السلوك لمتابعي الانتخابات، كما سيتم إعلان مبادئ المراقبة الدولية للانتخابات ومدونة قواعد السلوك للمراقبين الدوليين التي تبنتهما الأمم المتحدة في 2014 وتم التصديق عليها من قبل 11 مجموعة لمراقبة الانتخابات.
إلى ذلك تحوَّل المجلس القومي لحقوق الإنسان وباقي المنظمات الحقوقية إلى خلية نحل استعدادًا لمتابعة الانتخابات الرئاسية، ففي المجلس القومي تم تجهيز 70 خط تليفون وفاكس لتلقي شكاوي 450 مراقبًا على مستوى 17 محافظة، أما الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي، فقد أعدت غرفة عمليات مكونة من 22 فردًا لتلقي شكاوي 2000 مراقب منتشرين على مستوى الجمهورية، كما قامت المنظمة العربية للإصلاح الجنائي التي تضم 26 منظمة حقوقية بدعوة 150 شخصية عامة وبرلمانية وحقوقية وإعلامية من كل طوائف المجتمع لمراقبة الانتخابات، وأوضح حازم منير، رئيس وحدة الانتخابات بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، أنه تم تجهيز غرفة عمليات بالمجلس لمراقبة انتخابات الرئاسة 2012 وتحتوي على معدات وأجهزة وخطوط اتصال يصل عددها إلى 70 خط تليفون وفاكس لمتابعة شكاوى يوم الانتخابات، ولوحة «جي آي إس» وهي الخريطة الخاصة بتلقي شكاوى المراقبين والمواطنين على السواء من خلال إرسال رسائل «إس إم إس»، يتلقاها على الفور باحثون مدربون من المجلس ليتم رفعها على الخريطة التي توضح الموقع ليقوم فريق غرفة العمليات بالمجلس بالعمل على إزالة أسباب الشكوى، وقام المجلس أيضا بتدريب ما يزيد على 450 مراقبًا من 14 جمعية على مستوى 17 محافظة، وأشار منير أن المجلس قام أيضًا عن طريق اللجنة العليا للانتخابات بإصدار 9700 تصريح مراقبة لـ 46 جمعية من كل المحافظات وسيقوم المجلس بتلقى الشكاوى التي سيتم تلقيها من المراقبين وهناك شكاوى عاجلة سيتم الاتصال مباشرة باللجنة العليا للانتخابات لإزالة أسبابها، وأضاف محمود علي مدير الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي، أن الجمعية ستراقب الانتخابات بمفردها من خلال 2000 مراقب من كل المحافظات، في اللجان الانتخابية، وغرفة العمليات ستكون في أحد فنادق القاهرة مكونة من 22 فردًا ومجهزة بأجهزة كمبيوتر وشاشة عرض، مشيرًا إلى أن المشروع ممول من هيئة المعونة الأمريكية بمبلغ 2 مليون و800 ألف جنيه.
وأشار إيهاب راضي، مدير الائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات، أن الائتلاف يضم ثلاث مؤسسات حقوقية، هي الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ومؤسسة «أكت» ويعمل الائتلاف على مراقبة العملية الانتخابية قبل إجرائها من خلال مراقبة وسائل الإعلام والتشريعات المتعلقة بالعملية الانتخابية، وإعداد التقارير قبل المرحلة الانتخابية وأثنائها وبعد العملية الانتخابية، وعملية المراقبة تتم بشكل تطوعي دون تمويل، حيث يقوم مركز القاهرة بمراقبة أداء وسائل الإعلام، والجمعية المصرية ومؤسسة «أكت» ستراقبان من خلال غرفة عمليات.
وعن «البعثة المصرية لمراقبة الانتخابات الرئاسية» قال محمد زارع، رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، إحدى منظمات البعثة المصرية التي تضم أكثر من 26 منظمة حقوقية تعمل على مراقبة الانتخابات بشكل تطوعى في كل المحافظات، بمشاركة 150 شخصية عامة برلمانية وحقوقية وإعلامية من كل طوائف المجتمع متطوعين دون مقابل، والمراقبة تأتي اعتراضًا على الشروط التي وضعتها اللجنة العليا للانتخابات، التي جعلت منظمات المجتمع المدني «خيال مآتة» على حد تعبيره، وتم الاتفاق بين المؤسسات المشاركة على توفير أتوبيسات لسهولة التنقل للمحافظات، وستكون غرفة العمليات بمقر الجمعة المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، أما «تحالف حرة نزيهة»، فأكد الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مركز ابن خلدون، أن التحالف مكون من مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية وجمعية التنمية الإنسانية، وجاء تعبيرًا عن موقفهم الرافض لقرار اللجنة العليا لانتخابات الذي يحد من دور المجتمع المدني، وأضاف مشيرًا إلى أنه تم الاتفاق مع مركز كارتر الذي يترأسه الرئيس السابق للولايات المتحدة الأمريكية على إرسال مراقبين دوليين لمراقبة الانتخابات الرئاسية في عدة محافظات مصرية، وكذلك التعاون فيما يخص التقارير الصادرة عقب تلك الانتخابات، وسيتم ذلك بشكل تطوعي، فيما قرر اتحاد شباب الثورة رصد ومراقبة العملية الانتخابية في 16 محافظة، عن طريق عمليات فرعية مرتبطة بغرفة مركزية في محافظة القاهرة، وسيقوم أعضاء الاتحاد في هذه المحافظات بمراقبة ما سيحدث في جميع مراحل العملية الانتخابية ورصد أى انتهاكات أو تجاوزات تتعلق بالعملية الانتخابية من حالات الدعاية للمرشحين أمام اللجان أو التصويت المتكرر والورقة الدوارة وملاحظات على الفرز وتسجيل أي حالة تجاوز تشوب العملية الانتخابية ونشرها للرأي العام.
بدوره, قال الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء المصري: أتمنى أن تمر هذه الانتخابات بهدوء، مطالبا النخبة والمرشحين والقوى السياسية والأحزاب بأن تطلب من أنصارها احترام إرادة الآخرين والقبول بنتائج الانتخابات سواء أكانت لصالح هذا الطرف أو ذاك، وأضاف أدعو جميع الأطراف إلى ضرورة التكاتف من أجل نجاح العملية الانتخابية والقبول بقرار الأغلبية من المصريين الذين سيعبرون عن إرادتهم من خلال صناديق الانتخابات النزيهة وما يمكن أن تثمر عنه من نتائج، كما قرر الجنزوري إعطاء العاملين بالوزارات والمحافظات والجهاز الإداري للدولة يوم إجازة بالتبادل خلال يومى الانتخابات الأربعاء والخميس المقبلين، داعيا جميع الأطراف إلى التزام الهدوء يومي الانتخابات الرئاسية، وقبول نتائج التصويت.