فجأة وبدون مقدّمات وعلى طريقة (أفلام الرعب) تتواصل الرسائل ومقاطع الفيديو حول اقتحام مئات الشبان (لمستشفى عرقة المهجور) لتقصي حقيقة الجن وتخليصه من الأرواح الشريرة..؟!
مرة واحدة اقتحام المبنى (لطرد الجن)..؟!
لا أعتقد أن أحداً من (مخرجي هوليود) سبق أن تخيّل المشاهد التي وصلت تباعاً عبر (أجهزة التواصل الاجتماعي) من (عرقة) لشبان سعوديين يحملون الكشافات المضيئة وبعضهم يحمل (ولاعات) في يده وآخرون يضيئون بجوالاتهم (عتمة المكان) وهم يتجولون بين أسياب المبنى المهجور بحثاً عن (شائعة الجن) وعلى طريقة (الحق الجني يا ولد) بينما أصوات تصدر من هنا وهناك يقال ويعلق عليها بأنها (أصوات الجن)..؟!
حتى وقت كتابة هذه الأسطر لم يتجاوز خبر مطاردة الجن (الصحف الإلكترونية) وتويتر وبعض المواقع السعودية, لكنني متأكد أنه سيكون (خبراً مثيراً) للصحف ووكالات الأنباء, لأنه يجذب القراء بمختلف لغاتهم وثقافاتهم, فقصص وأخبار (الأرواح) تتصدر اهتمامات المتصفحين دائماً حول العالم , لمحاولة اكتشاف (حقيقة وجودهم) في الأصل التي ينكرها البعض, بينما آخرون يجذبهم الفضول والخوف لمثل هذه الأخبار, لذلك عادة ما تحقق الأفلام التي تحوى (مشاهد رعب.. وإيحاءات بالأرواح الشريرة) مشاهدات عالية..!
السؤال الذي يطرح نفسه: هل يسكن المبنى حقاً (جن) منذ 26 عاماً؟! ولماذا قرَّر الشباب (تخليص المستشفى من الجن) فجأة..؟! وأين دور وزارة الصحة في إيضاح حقيقة هذا المبنى المهجور؟! وهل يملك كل من دفعه (الفضول) وتداول الخبر عبر (البلاك بيري) ووسائل التواصل الأخرى للتجمهر القدرة على طرد الجن؟! أو مواجهته؟ّ!
أسئلة عديدة ولكن الأهم: لماذا ينجرف أبناؤنا خلف أي شائعة أو رسالة من هذا النوع؟! هل هو غياب المعلومة؟! أم الفضول؟! أليس من الأولى أن يكون تفكير هؤلاء الشبان أكثر حذراً؟! إن ثقتنا في الشباب اليوم كبيرة ولا حدود لها في وعيهم وثقافتهم؟!
لذا أرجو أن يكون هذا (الأمر الطريف) بمطاردة الجن, مذكّراً لنا ولشبابنا بأهمية الحذر من الانسياق خلف كل ما يتم بثه أو تداوله عبر (أجهزة التواصل الاجتماعي).. فليس من الضروري أن يكون حقيقة.! ولو كان كذلك فهذه مهمة جهات معنية بمثل هذه الأمور ومتخصصة في القراءة واكتشاف الأمر وليست مهمة الأفراد, وإن كان ترك مبنى بهذا الحجم مهجوراً طوال هذه السنين أمراً يثير الاستغراب..؟!
ولعل أجمل التعليقات على خبر (شجاعة الشبان) في اقتحام المبنى جاءت على لسان (الجنس اللطيف) وتمركزت حول عبارة: الله يصبر الجن بس..!
وعلى دروب الخير نلتقي.
fj.sa@hotmail.com