استمرت الأسر السعودية لسنوات تعتمد بصورة رئيسية على العمالة الإندونيسية دون غيرها وكأنها العمالة السوبر التي لا يُوجد لها مثيلٌ ولا نظير, لذلك كانت تطلعات ربات البيوت إلى السائقين والخادمات من إندونيسيا، فلهم سحر خاص وجاذبية، وإلى قبل سنة وقبل أن تُوقف إندونيسيا تصدير عمالتها إلى الخارج وبالذات للسعودية كانت آلاف التأشيرات بطلب استقدام العمالة موردة لدى السفارة السعودية في جاكرتا، وعندما اتخذت حكومة جاكرتا القرار المُفاجئ أضرت بآلاف المواطنين السعوديين وتسببت في حدوث أزمات خانقة أجبرت العوائل على البحث عن سائقين وخادمات ما جعلهم يلجأون للسوق السوداء التي استغلت الظروف وضاعفت المبالغ المطلوبة.
قرار إندونيسيا والذي جاء في توقيت سيئ مع بدايات عام دراسي أرجعته لأسباب مبررة مرتبطة بحوادث ووقائع لتعاملات غير جيدة من بعض العائلات تجاه السائقين والخادمات، أما بقية الأسباب فكانت غير مبررة ويمكن قراءتها وفهمها على أنها من أنواع الابتزاز وهذه الأسباب بالذات اضطرت وزارة العمل السعودية لفتح أبواب الاستقدام من أكثر من دولة في آسيا وأفريقيا، ورغم ذلك ما زالت المباحثات بين الجانبين السعودي والإندونيسي مستمرة حتى اللحظة بحثاً عن العمالة “السوبر” التي مُنعت لأسباب ومبررات أكثرها غير منطقية وكافية جداً لصرف النظر نهائياً عن عمالة إندونيسيا، وخير الله كثير وبلاد الله واسعة ومصادر العمالة في آسيا وأفريقيا متعددة.. فلماذا لا يُتخذ هذا القرار لتضطر إندونيسيا بنفسها لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه، وللمعلومية فإن الاقتصاد الإندونيسي وحسب تقارير موثوقة قد تكبّد خسائر فادحة على خلفية قرار إيقاف العمالة إذ بلغت الخسائر خلال ثلاثة أشهر فقط أكثر من مليار ريال جراء توقف التحويلات لأعداد هائلة من العمالة الإندونيسية.
استمرار الطلب السعودي من الجانب الإندونيسي بإعادة إرسال العمالة جعل الأخيرة تفرض شروطاً بعضها منطقي والآخر غير منطقي، بل إنه استفزازي ومذل للمجتمع السعودي الأصيل والذي لا يقبل أي شيء يمس كرامته حتى ولو كان المقابل “سوبر ستار” فما بالك وهي عمالة عادية تتعلم وتتدرب في منازلنا وتُعامل في الغالب أفضل معاملة، والغريب أن وزارة القوى العاملة الإندونيسية ما زالت تلوح بشروطها فقد جاء على لسان وزيرها إسكندر أن الحظر على العمالة المنزلية للعمل في السعودية ما زال مستمراً ولن يتم رفع الحظر إلى أن يتم تنفيذ طلبات الوزارة.
هذه اللغة التي تفوح منها روائح المساومة أجبرتني للعودة مرة أخرى لقراءة هذه الطلبات فوجدتها تنقسم إلى نوعين، النوع الأول: طلبات منطقية وواقعية حتى ولو غلب على بعضها طابع المبالغة، فالمطالبة بزيادة الرواتب ومنح إجازة يوم في الأسبوع وعدم اللجوء للعنف في التعامل ودفع الراتب نهاية كل شهر وتحديد ساعات العمل بثمانٍ وتوفير الرعاية ودفع الكفيل لتكاليف استخراج الإقامات كلها مقبولة. النوع الثاني: يحوي شروطاً تعجيزية لا تقبل بها العائلة السعودية التي لا ترضى أن ينتهك أدق تفاصيلها أحد مثل طلب السير الذاتية لأفراد العائلة وصور لكل فرد وشهادة حسن سيرة وسلوك للكفيل وتعهُّد عليه وضرورة اصطحابه للعمال عند سفره داخل أو خارج المملكة.
أتمنى من وزارة العمل عدم الرضوخ لأي طلب ومن أراد العمل في المملكة فعليه الرضوخ والقبول بشروطنا دون مساومة وإلا فدرب السلامة والبدائل كثيرة.
shlash2010@hotmail.comتويتر abdulrahman_15