صدرت موافقة وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة على تأسيس الجمعية السعودية لكتّاب الرأي (رأي)، التي تهدف إلى تمكين كتّاب الرأي السعوديين من أداء رسالتهم في المجتمع ورعاية حقوقهم وتقوية الروابط بينهم.
ومن الأهداف التي أعلنت للجمعية اعتبارها مظلة جامعة لكتّاب الرأي السعوديين لتعزيز روح المهنية والموضوعية في ممارسة الكتابة في الشأن العام والمساعدة على رعاية حقوقهم متعاونة في ذلك مع جميع مؤسسات المجتمع المدني، خاصة العاملة في مجال الفكر والثقافة.
وأعتقد أن فكرة تأسيس الجمعية هي فكرة إيجابية في حد ذاتها، ويجب أن لا نعتبرها منافسة لهيئة الصحفيين بل من الأولى أن ننظر لها بأنها مكملة لدور هيئة الصحفيين ومساندة لرسالتها، فالكتابة الحرة النزيهة والصادقة، التي تحمل رسالة سامية، من شأنها أن تدعم الحركة الفكرية في الوطن وتحدث تغييراً إيجابياً في مستوى الثقافة الموجودة.
يجب علينا أن لا نتشاءم من الموافقة على تأسيس الجمعية أو أن نسعى للحكم عليها قبل بداية نشاطها وعلى الرغم من وجود الكثير من الأسئلة في أذهان الكتّاب، التي من الممكن أن لا يكون لها إجابة واضحة في بداية التأسيس مثل الهوية الفكرية لها وموقعها الجغرافي واستقلاليتها وصلاحياتها وهامش الحرية التي سيُتاح لها، وهل سيتعارض مسارها مع مسار هيئة الصحفيين أم ستسير في مسار مستقل، وما هو تعريف كاتب الرأي الذي سينضم لهذه الجمعية؟ وما هي المعايير التي سيتم بموجبها اختيار أعضاء الجمعية العمومية؟ وما طبيعة ارتباطها بوزارة الثقافة والإعلام؟ وما هو مصدر الميزانية الخاصة بالجمعية؟ وغيرها من الأسئلة الأخرى التي يجب أن تحرص اللجنة التأسيسية على إعداد إجابات واضحة لها؛ فالأمور ببداياتها، وكلما كانت البداية قوية سيكتب للجمعية البقاء والاستقرار.
يتوقع كثير من الكتّاب أن تقوم الجمعية بمساعدتهم في أداء رسالتهم من خلال ما توفره من مصادر معلومات حقيقية وغير مغلوطة أو وهمية، كما يتوقعون أن تسعى الجمعية لحمايتهم من أي أذى قد يتعرضون له والدفاع عن حقوقهم وتوفير هامش أكبر من الحرية والاستقلالية في إبداء الرأي. وفي المقابل على كتّاب الرأي في هذه الجمعية واجبات يجب أن يقوموا بالالتزام بها والتقيد بأحكام الجمعية وشروطها، وأن يجعلوا من هذه الجمعية نموذجاً للجمعيات الأخرى، وخصوصاً أن كتّاب الرأي هم في مقدمة المنتقدين للكثير من القضايا والمؤسسات ومنظمات القطاعين العام والخاص؛ فعليهم أن يحرصوا على أن تكون جمعيتهم مميزة، وأن يسعوا إلى تطويرها باستمرار.
في اعتقادي أن مصداقية الجمعية وقيمتها بين المجتمع ستقوم أيضاً على مستوى مصداقية أعضائها، وهذه تُعَدّ أحد التحديات التي من الممكن أن تواجهها الجمعية؛ إذ يجب أن تكون الجمعية مؤسسة راقية، تضم في جنباتها كتّاباً مميزين عُرفوا بالمصداقية والمهنية والنزاهة والرقي والاحترام والتقدير وحرصهم على قول الحق وبُعدهم عن تقديم الآراء المشبوهة أو المدفوعة أو المغرضة أو المفروضة في بعض الأحيان، وأن يكون أعضاؤها كتّاب رأي لا تجار رأي؛ فعندما تضم الجمعية مثل هؤلاء المميزين سيكون لها شأن في المستقبل، وسيسعى الجميع للانضمام لها، وستصبح مصدر فخر واعتزاز لساحة الرأي في هذا الوطن.
فكرة الجمعية مميزة، وخصوصاً إن بعدت عن البيروقراطية والنمطية التقليدية والشللية، وإن حرصت على أن تحقق الأهداف الحقيقية التي أسست من أجلها، وأن لا يكون هدف التأسيس هو الغاية بل يجب أن تكون وسيلة تمكّن فعلاً كتّاب الرأي من أداء رسالتهم في المجتمع ورعاية حقوقهم وتقوية الروابط بينهم.