قال لي صاحبي: لقد عجبت العَجَبَ كُلَّه من هذه الأحداث الأخيرة المتسارعة في سوريا، وهذا التناقض الكبير فيما نسمع ونشاهد من الأخبار حتى أصبح الحليم أمامها حيران؟!
قلت له: إن هذا الذي يجري أمام أعيننا نتيجة متوقعة للأحداث المتشابكة التي تجري في شامنا العزيز كله، فإن في الشام أحداثاً كبرى تعد من ملاحم آخر الزمان، وهي أحداث لها ما وراءها من النتائج والمتغيرات التي لا يغفل عنها إلا من لا يقدر المواقف، ولا يبالي بالنتائج، بل إن ما جرى في العراق الغالي علينا قبل ذلك إنما هو المدخل الكبير لهذه الأحداث الضخمة التي تحدث في عالمنا العربي، ومن ظن منا نحن المسلمين -ساسة كنا أم علماء أم مثقفين- أن الأمور تجري دون تخطيط فقد تنكب طريق الصواب، وأغلق على نفسه الأبواب.
مازلت أذكر ذلك الفتى الليبي الذي هاتفني من بنغازي في بداية الثورة الليبية وقد سمع أول قصيدة ألقيتها بعد اندلاع الثورة بيومين في إحدى الفضائيات وكان مطلعها:
يبكي العقيد على الكتاب الأخضر
وعلى نهاية حظه المتعثر
قال لي: هذه بشارة مبكرة أتت بلهجة الواثق، وكأنك لا تعرف من هو معمر القذافي المعروف بطغيانه، وثروته الهائلة التي يستطيع أن يشتري بها أعتى القوات في العالم؟ قلت له: أنا لا أعرف إلا أنه ظالم غاشم، وأن الله سبحانه وتعالى إذا أراد أخذ الظالم بعد إمهاله، أخذه أخذاً وبيلاً، فلم يُفْلِتْه حتى ينتزع منه ملكه كله، وعندها يتهاوى في لحظة واحدة بصورة لا يكاد يصدقها الناس. قال لي: أنا أحد الذين يواجهون الطاغية الآن في بنغازي، ولعل الله أن يزيله على أيدينا. قلت له: أبشر بالنصر إذا أخلصتم النية وصدقتم العزم.
نعم، إن نهاية الظالم محسومة، وانتزاع ملكه وجنده وماله وروحه أمرٌ هين عند من يقول للشيء كن فيكون، ولو كان للطغاة بصائر وضمائر حية لاتعظوا ببعضهم، واعتبروا بما حصل لأمثالهم ممن سبق عليهم حكم الله بالزوال، ولكن الطغاة بلا ضمائر ولا بصائر، وها نحن أولاء نراهم يتساقطون بصورة عجيبة ومع هذا يقول المتأخر منهم: إنني أختلف عمن سبقني، ويظن نفسه شيئاً آخر، ويظل في غروره ووهمه حتى ينتزعه الله سبحانه وتعالى وهو في أحط دركات الذل والهزيمة والخذلان.
نهاية الظالم في شامنا الغالي قريبة بإذن الله، مهما تطاول واعتمد على بعض الدول الداعمة له، لأنه ظالم، وقد تكفل الله بهزيمة الظالم ولو بعد حين، وعذاب الآخرة أشد وأنكى.
إشارة:
حكيم حكيم مَنْ يرى ما أمامه
بعينيه لا عيني عدوٍّ يُضلِّلُ