من أهم ركائز ومقومات الصحة العامة للمجتمع هي “رياضة الأطفال” لأنها - كما يعلم الجميع - البذرة الأولى لتكوين البناء الصحي المناسب، وتفعيل الطاقة المفيدة للأجساد الغضة، والخروج عن النمط أو الروتين الذي تمثل في عام دراسي كامل، أضف إلى ذلك نظام الغذاء المضطرب وغير الصحي وتراكم الأكل وقلة الحركة، والإكثار من الجلوس أمام الأجهزة المرئية من تلفزيون وحواسيب وغيرها حتى أصبنا جميعاً بسببه بالعجز والوهن.
الخطوة الأولى في تشخيص حالة فقدان الرياضة وندرتها عن الأطفال والأسر تتمثل في إقرارنا واعترافنا صراحة بفشل تجربة الرياضة المدرسية التي تعاني من أخطاء فنية فادحة، تتمثل في انصراف فكرة الرياضة المدرسية نحو جهة واحدة من الحركة المتمثلة في كرة القدم.
فليس أسهل على أي معلم وفي أي مدرسة من أن يُخْرِج الكرة من مخبئها ويقذفها أمام الأطفال في فناء المدرسة، أو قربها سواء بملعب مخصص، أو بدونه، ومن ثم يقال عنها في أعراف التعليم من قبيل الإدعاء: أنها رياضة بدنية!
من المواقف الطريفة حول الرياضة البدنية في المدارس لا سيما في الريف لدينا أن الأطفال يُعرِّفُون الكرة بأنها “البدنية” كأن يقول البعض منهم للمعلم: - يا أستاذ.. “البدنية انفجرت”، أو “البدنية سُطحت في الجوار”، وحينما تفتش عن سر هذا الاستخدام لملفوظ البدنية الذي يطلق على كرة القدم تكتشف ودون عناء أن المادة في الجدول اليومي تعرف أو تكتب بعبارة (تربية بدنية)، وهم لا يرون في هذه المادة غير الكرة، فجاء الارتباط الذهني بمفهوم ما يمارسه، بأن التربية البدنية هي الكرة، ليأخذ اسم الكرة ملفوظة في المنهج محرفاً ولا ينم عن واقعه.
فنحن إن كان الأمر ولا بد - كما يقال - أننا بحاجة إلى منهجين للتربية الرياضية، واحد ثابت ومألوف هو (حصة كرة القدم)، وأخرى (حصة التربية البدنية) لعلنا نخرج برؤية تربوية رياضية سليمة تنقذ هذا الجيل الجديد من مشكلات السمنة المفرطة والجهل بقواعد الرياضة المدرسية الضرورية.
وإن أردنا إنقاذ الرياضة المدرسية من مأزقها في هذه التجربة فيجب أن لا تقتصر على المرحلة التعليمية للبنين وحسب إنما للبنات بل ويتعداها إلى الأسرة والمجتمع من أجل تشجيع الرياضة باكراً عند الأطفال، وسن أنظمة رياضية جديدة يكون محورها رياضة الطفل والأسرة من أجل أن تصبح هذه الرياضة ضرورة حياتية يمكن للجميع أن يؤدوا دورهم وخدمة مجتمعهم وبلادهم، وقبل هذا صيانة صحتهم وأجسادهم من الترهل والعجز وتربية الدهون.
أما لماذا نذكر ذلك في نهاية هذا العام الدراسي، فإن أشهر الإجازة هي فرصة مناسبة للتعديل والتطوير في المرافق المدرسية المتعلقة بالرياضة، لعلها تكون جاهزة للجميع مع بداية العام القادم إن أردنا خير بأطفالنا.. (فَذَكَّرْ).. وأملنا في القادم أجمل.
hrbda2000@hotmail.com