وضع طالب في المرحلة الثانوية شرطاً على أسرته لدخول الامتحان بالزواج أو الامتناع عن أداء الاختبار! وبعيداً عن تفاصيل موافقة أهله من عدمها، إلا أن فكرة الشرط في شأن ينفعه هو أكثر من أسرته لأمر يدعو للدهشة والتأمل!
والمفاهيم المغلوطة عن النجاح أدت لقيام هذا الشاب بذلك التصرف وغيره مثل اشتراط شراء سيارة ذات مواصفات محددة فضلاً عن طلبات أخرى، تشعرنا وكأن المستفيد من التعليم والنجاح في مراحل الدراسة هي الأسرة وليس الطالب!
ولا ألوم الطلبة والطالبات والشباب عموماً حين يجدون من يلبي طلباتهم ويحقق رغباتهم. فحفلات النجاح والهدايا دلالة على ذلك الفهم المغلوط. فالأحق بها الوالدان، والأجدر بها مَن يسهر على راحة أبنائه ويعتني بهم ويقدم مصلحتهم على مصلحته ليس في الامتحان فحسب بل في شؤون الحياة كلها.
ومن ينظر لحفلات النجاح يرى العجب، حيث تحولت إلى كرنفالات من الفرح تُهدر فيها أموال طائلة حتى كادت أن تقارب في تكاليفها حفلات الزواج. ولو طرح أحد الحاضرين سؤالاً تافهاً على بعض الناجحين المحتفى بهم عما درسوه في المنهج لوجد أن حمار الحكيم يفوقهم فهماً!
ولئن ذهبت رهبة الامتحانات بسبب التقليل من أهمية التعليم كقيمة واختزاله بشهادة تسهل الدخول لمجال العمل بعيداً عن التأهيل للوظيفة، فإنه لم يبقَ في النجاح إلا مسماه وبريقه. ولن أحدثكم عن لذة التفوق، فقد تضاءلت وتساوى فيها الطلبة في ظل الكرم غير المحدود بالدرجات الذي تغدقه المدارس على طلبتها دون تمييز، حتى أصبح الحصول على أعلى الدرجات يماثل نتائج الانتخابات العربية قبل ربيعها. ونتمنى لطلابنا ربيعاً تعليمياً لا يجتاز فيه الامتحان إلا من يستحق، ومن يتعثر يجد له مجالاً مهنياً يليق بقدراته ولا يقلل من مكانته.
إن اختفاء عبارة (لم ينجح أحد) القاسية على النفس، لم تأتِ على الأمة بخير، فتشابهت علينا النتائج، فلا تعرف من نجح بمجهوده ومن نجح بمال أسرته ومن نجح حتى لا يبقى عبئاً على الدولة وعالة على المدرسة وفاقداً اقتصادياً سنوياً. ولا شك أن ذلك يحاكي المنطق ولا يجانبه، بيد أننا نريد شباباً ينشط بالقيام بنهضة أمته ولا يكون غثاء كغثاء السيل!
يسوؤني، ولا أشك أنه يؤلمكم تَخرّج بعض الطلبة والطالبات من الثانوية العامة وهم لا يجيدون الكتابة والقراءة، فأخطاؤهم الإملائية تشوّه جمال اللغة العربية، وقراءتهم تقتل حسنها، ناهيك عن ضحالة الفكر ورداءة الثقافة ونقص شديد في المهارات الحياتية من بر للوالدين وعدم تقدير للمعلمين وإكبارهم، فضلاً عن ضعف شديد في مشاعر المواطنة وأحاسيس الانتماء، والجري وراء الإشاعات والتفاهات، والصدود عن العمل والهروب من عجلة الإنتاج.
إن تعليماً لا تؤصِّل مناهجه للقيم، وتجذّر للمثل وتزرع حب العمل، وتعمِّق ثقافته كقيمة وعطاء لا يعتد بالنجاح بها تفوقاً كان، أو شهادة شاحبة بدرجات وهمية!!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny