لا يوجد ما هو أكثر ظلماً من العادة والتقليد التي تتجاوز الحدود الإنسانية، وتخنق البشر الذين خلقوها وأوجدوها، لتلتف مثل حبل المشنقة. فيما قد يراها الغالبية طبيعية أو مسلمات!، بل وقد تصبح أعرافاً سارية المفعول جبراً وأمراً، وتختلف سلطتها وتأثيرها على حياة الأفراد والمجتمعات بشكل مقيت، يتجاوز حتى تعاليم أي دين أو روح حية.
جينفر الوبوت هذه المرأة الأوغندية، لم تكن واعية تماماً كيف أن قصتها التي يصعب تخيلها يتردد صداها في جميع أنحاء بلدها، بل وأصبحت حكاية العالم، لتصبح رمزاً لمنح آلاف النساء بعضاً من حقوقهن.
جينفر أجبرت على إرضاع صغار كلاب زوجها من ثدييها لمدة سبع سنوات، حيث كان زوجها يربط يديها وقدميها ويجبرها على الرضاعة.
زوجها كان قد دفع مهراً لزوجته قيمته بقرتان، ونظراً لعدم وجود البقرتين لتزويدهم بالحليب فيجب على المرأة التي قايضها بالبقرتين أن تزودهم بالحليب. “تعين علي أن أرضع الجراء طوال الليل وفي الصباح كان زوجي يفك وثاقي”. تقول الزوجة.
وتنص العادات القبلية أنه على الرجل أن يرسل وفداً إلى عائلة الفتاة التي يريد الزواج بها وعند ذلك تقوم العائلة بتقييم ابنتها، وعادة ما تحسب القيمة بخليط من المواشي وبعض المال، وبعد ذلك تبدأ المساومة حتى يتم الاتفاق على السعر. وتقول مديرة “ميفومي” أنوكي تيريز “تعطي فكرة ثمن الزوجة الانطباع بأن الرجل اشترى زوجته بما فيها موافقتها على ممارسة الجنس معه وخضوعها التام للعمل”.
وبدأت أزمة جينفر مع مجيء مولودها الأول وهي طفلة، لكن عند مجيء المولود الثاني وهو طفل حمل اسم ابيه -حسب التقاليد-، ارتاحت الأم من عذاب إرضاع الكلاب، حيث أبى الوالد أن يرضع ابنه الذي يحمل اسمه مع صغار الكلاب..!
وحاولت جينفر مقاومة زوجها قبل أن تبلغ عائلتها وعائلة زوجها وكذلك كبار شخصيات القبيلة، عما تعانيه من زوجها، ووصلت بها الجرأة إلى أنها قدمت شكوى للشرطة في أقرب بلدة على بلدتها، لكن لم يستمع لها أحد، فالوضع طبيعي، وسلطة الرجل مطلقة.
وبعد أن وضعت مجدداً مولودة، عادت معاناتها من جديد، ولم تعد جينفر قادرة على التحمل أكثر من ذلك فهربت إلى بيت النساء، الذي تدعمه إحدى الجمعيات الخيرية والذي ساعدها على القيام بإجراءات قانونية ضد زوجها.
ووصلت قضية جينفر إلى الصحف، حيث ندد بهذه المعاناة التي تعرضت لها، إضافة إلى ظهور مطالبات للبرلمان لتشديد القوانين على كل من يضطهد النساء. فيما فتحت قضيتها أعين الكثيرين على حقوق المرأة.
قضية جينفر ظلت أمام لجنة حقوق الإنسان لوقت طويل! وقد تكون فشلت في الحصول على حقها.. هل هناك ظلم للمرأة أكثر من ذلك..؟