صنعت قالب الحلوى
جملته بلمسة من إصبعها تنقش عليه حرفه
نظرت إليه من زاوية أخرى
ينقصه بعض الزينة ليليق بنبضها
وضعته في مكان بعيد عن متناول الجميع
فهذا يخصها بصحبته
غرقت تبحث عن كل ما يجمله أكثر
حتى وضعت جسدها في أحضان ذكرى والدها
وداعب منامها حلم
ابتسمت أوله
عقدت حاجبيها منتصفه
استيقظت تصرخ
تلت المعوذات وهي تضع يدها على مكان نبضها
وكأنها تمنع خروجه من صدرها
اتجهت لهاتفها مسرعة
ضربت أرقام هاتفه عن ظهر قلب
أتاها صوته باسما
يسرد آيات الترحيب باتصالها
سألت بلهفة
(بخير؟)
أجاب متفاجأ (بالتأكيد بخير)
أردفت بتنهيدة متعب ومهموم (الحمدلله)
(مابك؟)
كان سؤاله يسطر جمل الاستغراب
أجابت (لا شيء)
أغلقت هاتفها
واتجهت لمرآتها
منذ أن عشقته وهي تعشق كل شيء يحبه
كحل عينها
ريح عطرها
نعومة ملمحها
تمتمت: (ربي لا تجعله يتلاشى من حياتي)
أمسكت بدفتر صغير
(قالب الحلوى هشمته أنياب مجهولة)
اتجهت لقالبها
رأته على حاله
حاولت التناسي لكل شعور مخيف يسكنها
أغرقت نفسها في أفكار تزيد قالبها جمالا
جمعت كل ما تحتاجه
(نكهة الفراولة التي يعشقها
ورد الجوري التي تنسى ذاتها أمامه
خيوط الكاكاو التي لا تقاومها
ونقوش القهوة التي يذوب بها غرقا
قليل من بريق شقاوة
وشمس مشرقة وضعتها في زاوية لتملأ حلواها نورا)
بقي القالب الجميل الذي تبحث عنه
تريده طويل القامة
تسكنه ريشة طاؤوس
وشيء من تباع الشمس
وقبلة
لتسمح للجميع أن يحتفلوا بانتهائه
منذ بداية صنعها له
والأرض التي تحملها تدور حول شمسها
حتى أتمت دورتين ومنتصف الثالثة
فقط ليال قمرية تنقصها وتدشن احتفالها
وتناست
(قالب الحلوى هشمته أنياب مجهولة)
غرقت تعد لاحتفالها
لم يتبق أحد لم تناده
هي فقط تبحث عما يسعدها بصحبتهم
فستان بلون الطفولة وضعته جانبا
فهي أنثى كاملة
وأخرجت فستان ينطق للجميع أنني جميل بها
دارت بعينيها تبحث عن حليها
أتاها يرقص فرحا بعناقها ليسكن أذنيها
وعنقها وذراعها وواحد اتجه بتغطرس لخنصرها
نظرت لمرآتها
وذاب أحمر الشفاه على شفتيها
وسكن الكحل سراديب رمشها
وامتلأت وجنتيها خجلا
وضعت يديها على شعرها
لينسدل يغطي ما يكشفه ثوبها
وأتاها تاجها بتبختر ملك
ليستقر في أعلى هامتها
اتجهت لهاتفها
(اشتاقتك روحي)
(وكذلك روحي احتضرت ولهاً)
(كم يلزمك لتطفئ لهب عيني؟)
(فقط غضي طرفك ورديه وسـ .....)
واختنقت الحروف
لا صوت
صرخت باسمه
نادت في ظلمة الليل
لا صوت يجيب
ولا أنفاسه تداعب أذنها
كل شيء هرب من مكانه الذي يسكنه
وعاد لحيث كان
بكت ظنته كابوسا
خرجت من غرفتها كمجنونة
تبحث عن كل شيء له صلة به
فوجئت بقالب حلواها
مهشم .. معدم .. وكأنه لم يعد منذ ذاك الحلم
وورقة (هشمتني أنياب قدر لم يسمح بذوباني بك)
بشائر العتيبي