|
الجزيرة - الرياض:
كشفت دراسة حديثة حول سوق الوحدات السكنية للتملك في مدينة الرياض أجرتها شركة المسكن الميسر بالتعاون مع مركز الشرق الأوسط للاستشارات عن عدم مواءمة العرض للطلب على المساكن في مدينة الرياض، كما بينت الدراسة أن نماذج توقعات الطلب العلمية، والبحوث الاستبيانية تؤكد تركز الطلب في الوحدات السكنية التي يقل سعرها عن مليون ريال، إلا أن نسبة عالية من العرض هي من الوحدات التي يفوق سعرها ذلك.
واستعرضت الدراسة في مستهلها الخصائص السكانية لمدينة الرياض والتي تعد واحدة من أسرع المدن نمواً في العالم، حيث تشير الدراسة إلى أن عدد السكان في مدينة الرياض نما من حوالي 100 ألف نسمة في بداية السبعينيات الهجرية إلى أكثر من 5 ملايين نسمة في تعداد عام 1431هـ. ولا تزال نسبة نمو السكان من أعلى المدن ويسبب هذا النمو ضغطاً مستمراً على سوق الإسكان.
وأوضحت الدراسة أن التوزيع العمري للرياض يتصف بأنه فتي حيث تزيد فيه فئة الأعمار الصغيرة.. وأشارت الدراسة إلى أن هذه التركيبة السكانية لها تأثير كبير على توقعات الطلب على السكن في المستقبل حيث إن عدد السعوديين الذين يدخلون سوق السكن بناءً على بلوغ سن تكوين العائلة يزداد سنوياً بأعداد أكبر بناءً على التوزيع العمري.
هذا وقد أجرت الدراسة استبياناً لعينة عشوائية من 2400 رب أسرة سعودية في مختلف أحياء مدينة الرياض، تم من خلاله تقدير توزيع مستويات الدخل للعوائل السعودية في مدينة الرياض، حيث كشفت أن ما يقارب 24 % من سكان الرياض تصل نسبة دخلهم ما بين 10 إلى 15 ألف ريال بينما 2.2 % تصل نسبة دخلهم إلى أقل من 3 آلاف ريال.
كما بينت الدراسة أن نسبة تملك المسكن للعوائل السعودية بلغ ما يقارب 47 %، بينما كانت حسب تعداد 1425هـ 46.95 %.. كما أوضحت الدراسة أن نسب التملك للسعوديين بالرياض قياساً على مستوى الدخل منخفضة لبعض الفئات، حيث إن الذين تصل دخولهم إلى أقل من 3 آلف ريال تبلغ نسبة تملكهم للمساكن إلى ما يقارب 15 % على عكس الذين تصل نسبة دخولهم مابين 15 إلى 20 ألف ريال حيث تصل نسبة تملكهم للمساكن إلى ما يقارب 62 %.
وأبرزت الدراسة عدداً من التحديات التي تواجه قطاع الإسكان بمدينة الرياض ومن أبرزها:
ارتفاع تكلفة الأرض
حيث بينت الدراسة أن ارتفاع تكلفة الأرض كنسبة من التكلفة الإجمالية للمسكن هو أحد أبرز التحديات حيث بلغ متوسط نسبة تكلفة الأرض من التكلفة الإجمالية للمسكن في الرياض حسب المسح الميداني لجميع أحياء الرياض هو 39 % وهي نسبة عالية مقارنة بالدول المتقدمة، ففي الولايات المتحدة الأمريكية وعلى سبيل المثال تمثل هذه النسبة للمساكن الجديدة للعائلة المفردة 11 %. وخلصت الدراسة إلى أن هذا الارتفاع في نسبة تكلفة الأرض إلى إجمالي التكلفة يعود بشكل رئيسي إلى ارتفاع أسعار الأراضي وبالرغم من ذلك لا زالت نسبة المساحة الطبقية المبنية (معامل البناء) إلى مساحة الأرض بمتوسط 130 % فقط.
وأضافت الدراسة أن أسعار الأراضي في مدينة الرياض مرتفعة جداً بالنظر إلى وفرة الأراضي وقلة الكثافة السكانية، حيث ارتفعت أسعار الأراضي في الرياض بدرجة عالية فاقت 200 % خلال الخمس سنوات الماضية. وأشارت الدراسة إلى أن مستوى الأسعار العالي للأراضي هو السبب الرئيس لارتفاع تكلفة المسكن وأحد العوامل المهمة في انخفاض نسبة تملك المسكن.
كما أرجعت الدراسة ارتفاع أسعار الأراضي إلى أسباب عديدة يمثل بعضها جزءاً من الخصائص السكنية، وأحد أبرز هذه الأسباب أن نسبة عالية من شراء الأراضي السكنية كان بغرض الاستثمار والمضاربة من قبل الأفراد، وليس للاستخدام السكني النهائي أو التطوير مرجعة ذلك إلى إرتفاع نسبة السيولة، وعدم تطوير قنوات استثمارية لاستغلال هذه السيولة.. هذا بالإضافة إلى الأداء الإيجابي للاستثمار في الأراضي مقارنة بالقنوات الاستثمارية الأخرى خصوصا فيما يخص درجة تذبذب الأسعار والمعروفه بدرجة المخاطر مشيرةً في الوقت ذاته أن المضاربة في الأراضي السكنية يسبب خللاً هيكلياً في العرض والطلب يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأراضي السكنية.. كما خلصت الدراسة إلى أن عدم توجه الحكومة إلى فرض محفزات سلبية يعد أحد أسباب ارتفاع أسعار الأراضي.
ندرة شركات التطوير العقاري الإسكاني
ومن التحديات أيضا التي تواجه قطاع الإسكان بمدينة الرياض وبينتها الدراسة هو ضعف كفاءة قطاع التطوير العقاري السكني، فقد كشفت الدراسة ومن خلال المسح الميداني لمدينة الرياض أن نسبة مجموع الوحدات السكنية المطورة من خلال شركات التطوير العقاري السكني من مجموع الوحدات السكنية المطورة لم تزد عن 6 %، والبقية تم تطويرها من قبل أفراد للاستخدام الشخصي وأفراد ومؤسسات صغيرة لغرض البيع.
عدم مواءمة العرض للطلب
كما اكدت الدراسة أن عدم مواءمة العرض للطلب للمساكن في مدينة الرياض هو أحد أبرز التحديات بالرغم من أن نماذج توقعات الطلب العلمية، والبحوث الإستبيانية تؤكد تركز الطلب في الوحدات السكنية التي يقل سعرها عن مليون ريال والتي تناسب كثيراً من الفئات حسب نسبة دخلهم من السعوديين كما بينت الدراسة، إلا أن نسبة عالية من العرض هي من الوحدات التي يفوق سعرها ذلك حيث كشفت الدراسة أن أكثر من 37 % من المعروض في السوق تصل قيمته ما بين مليون الى مليون ونصف ريال وعلى العكس تصل نسبة المعروض للوحدات السكنية التي تصل قيمتها إلى أقل من 500 ألف ريال إلى 1.7 %.
عدم كفاءة وكفاية قنوات تمويل الشركات والأفراد
كما أشارت الدراسة إلى أن التمويل لشراء المساكن يعد أحد أهم التحديات لتملك السعوديين للمساكن حيث أشارت إلى أنه وعلى الرغم من أن السوق المحلي يشهد وفرة في السيولة المالية، إلا أنه في الوقت ذاته يتسم بمحدودية التمويل العقاري، وهو ما يشكل تحدياً كبيراً، خاصة أن مستوى التمويل العقاري الخاص في المملكة لايزال دون المستويات السائدة عالمياً، إذ يشكل حجم التمويل العقاري في دول الاتحاد الأوروبي والدول المتقدمة أضعاف النسبة السائدة في المملكة، والتي بلغ متوسطها 11 % من إجمالي التمويل وذلك بحساب أن متوسط عدد الوحدات السنوي حسب الخطة الخمسية التاسعة هو 160 ألف وحدة للسعوديين وبافتراض متوسط تكلفة للوحدة السكنية يساوي 750 ألف ريال.
وفي الوقت ذاته أشارت الدراسة إلى تحسن وضع التمويل العقاري لتملك المساكن لعدد من الأسباب أبرزها توقع تحسن البيئة القانونية للتمويل العقاري بإصدار منظومة قوانين الرهن والتمويل العقاري وكذلك توقع الزيادة في عدد القادرين على الحصول على التمويل العقاري مع نمو أعداد السعوديين ذوي الدخل المتوسط وأعلى، بالإضافة إلى شعور الحكومة بأهمية هذا القطاع والتركيز على تحسين أوضاعه كما هو واضح من إنشاء وزارة متخصصة للإسكان ودعمها وكذلك الأمر الملكي بتخصيص 250 بليون ريال لتمويل بناء 500 ألف وحدة سكنية ورفع رأس مال الصندوق العقاري إلى 90 مليار. ويبرز اهتمام الحكومة بهذا القطاع من خلال التوجه الواضح من وزارة الإسكان إلى تطوير عمل صندوق التنمية العقاري وأساليب الدعم وتنويعها والتضامن مع القطاع الخاص المالي والتطويري وتحفيزه مع احتمال إنشاء شركات تمويلية متخصصة مع آليات جديدة وكذلك الضغط على البنوك التجارية بزيادة نسبة القروض العقارية من مجموع القروض. هذا وقد توقعت الدراسة أن تخلق هذه التوجهات فرصاً كبيرة للقطاعين التطويري والتمويلي وسيكون من المجدي دراسة وتحليل التطورات المقبلة المتوقعة وما ستترك من أثر على نماذج العمل الحالية إيجاباً وسلباً.
ضعف القدرة على التملك
ومن جانب آخر كشفت الدراسة أن ضعف المقدرة على تملك المسكن من قبل المواطنين السعوديين وذلك استناداً على المعيار العالمي والمعروف بمعيار مقدرة التملك والذي يقاس بقسمة متوسط القيمة لمسكن العائلة على وسيط الدخل السنوي للعائلة أحد أبرز التحديات التي تواحه السعوديين لتملك المساكن، حيث يشير متوسط هذا المؤشر في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي هو بين 3.5 و4.5 بمعنى أنه بالمتوسط قيمة السكن للعائلة يوازي أربعة أضعاف دخلها السنوي. بينما في الرياض يبلغ وسيط دخل الأسرة السعودية الشهري 10.030 ريالاً بينما يصل متوسط الأسعار لجميع الوحدات المستقلة وشبه المستقلة (فلل ودوبلكسات) في الرياض (حسب المسح الميداني لجميع أحياء الرياض) = 1.608.082 ريالاً، مما يعني أن مقدرة التملك تبلغ: 13.4 ضغف دخل الأسرة السنوي. بينما يصل معيار مقدرة تملك العوائل السعودية في الرياض لمسكن بقيمة 850 ألف ريال = 7.1 ضعف دخل الأسرة السنوي. ويساوي معيار مقدرة تملك العوائل السعودية في الرياض للشقق التي تبلغ مساحتها بين 220 –240م2 (حسب المسح الميداني) 4.66 أضعاف دخلهم السنوي.
عدم مواءمة المعروض للطلب
وأشارت الدراسة إلى وجود نسبة عالية من المعروض بمساحات وأسعار لا تناسب حاجة السوق. كما توقعت الدراسة تحسن المقدرة على تملك السكن مع برامج الدولة المعلنة ولكن لن تحل المشكلة بهذه البرامج فقط بناءً على نماذج المقدرة على تملك المسكن للعوائل السعودية الوضحة بالجدول.
وكشفت الدراسة أيضاً أن متوسط عدد الأسر السعودية المكونة في السنة في الرياض خلال (1433-1440) حسب مستوى الدخل ومدى حاجتهم إلى دعم صندوق التنمية العقاري أن هناك حاجة ماسة لدعم الصندوق لهم كي يتمكنوا من شراء مساكن، حيث يبلغ عدد الأسر المكونة سنوياً في مدينة الرياض والتي تحتاج إلى مسكن لها حسب ما بينت الدراسة حوالى 32.726 أسرة منهم 12.508 أسر لا تستطيع شراء وحدات سكنية سواء كانت شققاً أو فللاً بدون دعم الصندوق العقاري وتتركز النسبة الأعلى منهم للأسر التي تصل نسبة دخلها السنوي إلى ما بين 5 إلى 8 آلف ريال .
هذا وقد أوصت دراسة شركة المسكن الميسر بعدد من التوصيات من شأنها تسهيل تملك المواطنين للمساكن، ومن أبرزها:
- توحيد المرجعية المجزأة حالياً في مرجعية أساسية تخطط وتنظم القطاع.
- وكذلك توجية الدعم الحكومي للعوائل ذات مستويات الدخل التي لا يمكنها التملك بدون دعم.
- وأيضاً إصدار أنظمة الرهن والتمويل العقاري ودفع البنوك لزيادة مستويات التمويل للقطاع الإسكاني.
- أوصت الدراسة كذلك بإحداث برامج تمويلية من الدولة للمطورين العقاريين ودعم ورفع مقدرة قطاع التطوير السكني عن طريق ضمانات حكومية تزيد من قدرته التمويلية مشروطة بإنشاء الوحدات الميسرة.
- دعت الدراسة إلى خفض سعار الأراضي عن طريق فرض محفزات سلبية.
- وكذلك تحسين أداء وإجراءات الأمانات والبلديات فيما يخص إجراءات تخطيط الأراضي وإصدار رخص المشروعات، ونوعية تصاميم الوحدات السكنية.
- عدم مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص في العمالة الإنشائية (جدولة المشروعات - تسهيل استقدام العمالة الإنشائية لفترات معينة).
- بالإضافة إلى الاستثمار في مراكز للبحث والتطوير لمواد وأساليب البناء لتخفيض التكلفة، وتبني المخرجات بفعالية وتقليص الفترة المطلوبة لاستخراج التراخيص وكذلك تطوير أنظمة البناء لتقليص الارتداد والسماح بنماذج مساكن حديثة.