فجعت بخبر وفاة ابني (عمر) في حادث أليم وقع صباح يوم السبت 5 رجب 1433هـ والذي لم يتجاوز الثامنة من عمره، والذي زاد حزني وألمي أنه قد أنهى امتحاناته وعزم على العودة لمسقط رأسه (مكة) بعد مضي عام من الدراسة قضاه في كنف والدتي بمحافظة (القويعية) ولم أتمالك عبرتي وقت سماع هذا الخبر المفجع، ثم استرجعت وقلت ما أمرنا به في مثل هذه المواقف: (حسبنا الله ونعم الوكيل، إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها) ولسان الحال يقول:
بكتك منا قلوب الحب يا عمر
وأدمع الحزن في الأفاق تنهمر
في ذمة الله ودعناك وارتجفت
منا النفوس وكاد القلب ينفطر
وإن من أصعب الليالي تلك الليلة التي نمت في الغرفة التي اعتاد النوم واللعب فيها ؛ بجوار عمته التي لم تألُ جهداً في تربيته والحرص عليه؛ والتي قد احترق قلبها لموته وفراقه، وكأنه بموته المفاجئ يبعث لي ولإخوته عدة رسائل فيقول:
أبتاه: لقد ولدت بمكة ومت بالقويعية (ولا تدري نفس ماذا تكسب غداً، وما تدري نفس بأي أرض تموت):
ومن كتبت منيته بأرض
فليس يموت في أرض سواها
أبتاه: لا تحزن على فراقي، وأستعد لمثل هذا اليوم (كل نفس ذائقة الموت):
كل ابن أنثى وإن طالت سلامته
يوماً على آلة حدباء محمول
أبتاه: أبلغ إخوتي بأن الموت حق، وأنه مصير كل حيّ، وأن يعدوا العدة لمثل هذا اليوم، وأن يتذكروني حين كنت أمرح معهم، وأين صرت اليوم..؟! وقبلي أخي عاصم وأختي دعاء.
أبتاه: تذكر نعمة الله عليك بقدومي، وأصبر على فراقي، وأكثر من ذكر الله وشكره رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ .
وأخيراً: أسأل الله العلي القدير أن يجعله شافعاً لي يوم لقائه، وأن يبارك في إخوته وأن يصلحهم، فإن لله ما أخذ وله ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، وإن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يحب ربنا ويرضى.. إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ .
خالد بن محمد الأنصاري - عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية وعضو الجمعية السعودية للدراسات الدعوية