اليوم الخامس من حزيران 2012 تحل الذكرى الـ65 لضياع ما تبقى من فلسطين في حرب لم تستمر سوى خمسة أيام.
حرب أسموها بـ»النكسة» والكثير اعتبرها خزياً للعرب وخاصة قادة الدول التي خاضت تلك الحرب التي تزعمها قائد الأمة العربية آنذاك جمال عبدالناصر، الذي أعلن الحرب فيما كان قادة جيشه يقضون ليلة حمراء في أحد مباني القاهرة، وقبل أن تنقضي ليلتهم الحمراء كانت طائراتهم الحربية مدمرة على مدرجات المطارات الحربية التي كانت بلا حماية، فيما تعرض الجيش المصري لهزيمة مذلة جعلت دباباته تحترق قبل أن تدخل المعركة وجنوده يهيمون في صحراء سيناء.
حرب لا يحب أي عربي أن يتذكرها، فرغم أيامها الخمسة إلا أنها أفقدت العرب الكثير، أضاعت كل ما تبقى من فلسطين، وتم الاستيلاء بالكامل على القدس التي حولها الإسرائيليون عاصمة أبدية لكيانهم المغتصب. وبالإضافة إلى ضياع كل فلسطين، احتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي هضبة الجولان وأجزاء من الأردن وأراضي من لبنان وشبه جزيرة سيناء لتصبح القوات الإسرائيلية على الجانب الشرقي من قناة السويس وتوقف العمل بهذا الممر الإستراتيجي.
هذا العار والخزي اللذان ألصقهما بالعرب قادة الدول العربية والذين تورطوا في شن حرب غير متكافئة وفي غير وقتها، ظلا هماً وكابوساً جاثماً على صدر العرب جميعاً، ولم تزح هذه الغمة عن الوجدان العربي إلا بعد ست سنوات حينما نجح الجيش المصري في إلحاق الهزيمة بالجيش الإسرائيلي في عام 1973م وتم له عبور قناة السويس وتحرير شبه جزيرة سيناء، يومها قال الرئيس أنور السادات: «بانتصارنا في شهر رمضان عام 1973م يمكننا أن نرفع رؤوسنا من جديد بعد أن مسحنا الذل عن أبنائنا». ويقصد بأبنائه «رجال الجيش المصري» وفعلاً كان رجال الجيش المصري رجالاً بكل معنى الكلمة، فهؤلاء عندما وجدوا القيادة الحكيمة والحريصة والإعداد الجيد، مسحوا الذل وأعادوا الكرامة للعرب جميعاً وأولهم الجندي المصري الذي عندما وجد القيادة المسؤولة والاهتمام أثبت شجاعته وقدرته على مقارعة الإسرائيليين والتفوق عليهم محققاً إنجازاً يفوق بكثير ما فعله الإسرائيليون في عام 1967، فحرب التحرير والعبور عام 1973 كانت بين قوتين مستعدتين ومتأهبتين ولم يكن الإسرائيليون على غفلة، بل انتصر عليهم العرب وهم في قمة استعدادهم، وهذا ما يرفع من قيمة الانتصار العربي الذي ما كان له أن يتحقق لولا التنسيق السياسي والإستراتيجي العالي المستوى بين الملك فيصل بن عبدالعزيز والرئيس أنور السادات رحمهما الله، وهو ما يعد من أهم الدروس التي يجب أن يسترجعها العرب في هذه المرحلة.
jaser@al-jazirah.com.sa