يرتبط تنظيم القاعدة في اليمن مع زعيم الجماعة الروحي «أسامة بن لادن» ارتباطاً فكرياً، وليس ارتباطاً تنظيمياً، وهو ما يفسّر لنا، بأن تنفيذ التنظيم لعملياته البائسة في اليمن، تتم بطرق مستقلة، وعلى المدى الطويل، تحت مسمى واحد، هو: «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب»، تكون منطلقاً؛ للتوسع نحو دول الخليج، وتصدير مشروعه الجهادي؛ من أجل تحقيق هدفه التكتيكي، وهو: إنشاء دولة إسلامية في اليمن، وهدف آخر إستراتيجي، هو: إقامة الخلافة الإسلامية.. الأمر الذي جعلهم ينفذون عمليات أكثر خطراً، ومن ذلك ما أدلى به قيادي بارز في تنظيم القاعدة -قبل أيام- لصحيفة الشرق، بأن: -الدبلوماسي السعودي- عبدالله الخالدي المختطف لدى التنظيم، موضوعه من اختصاص الجناح الأمني في التنظيم، ولا يمكن لأي جهة أخرى، أن تعرف مكان وجوده، باستثناء عناصر محدودة.
عملية خطف الدبلوماسي السعودي، هي إحدى إستراتيجياتهم المتنوعة، والتي تبدأ باستهداف النقاط الأمنية، والسيطرة على مبان حكومية، مروراً بالعمليات الخاطفة التي تستهدف العديد من القيادات البارزة، وانتهاءً بالتخطيط لهجمات خارج اليمن، بعد أن استفادت كثيراً من الانقسام الحاصل في مؤسستي الجيش والأمن، ولجوء بعض الأطراف إلى اللعب بالورقة الأمنية؛ لعرقلة خطوات استكمال إجراءات نقل السلطة، واستفادتها -أيضاً- من حالة الفوضى، التي عاشتها اليمن أثناء الأزمة خلال الفترة الماضية.
تشكيلة تنظيم القاعدة الإقليمي الجديد، يضم شباباً من بلاد الحرمين، وغيرها من البلدان الأخرى، وهذه خطوة مهمة، مكّنت التنظيم من العودة بقوة على مستوى شبه الجزيرة العربية. كما أن التنظيم يحافظ على ترسانته الحربية الممتدة في محافظة أبين على مساحة مترامية الأطراف، تبدأ من السهول الساحلية المفتوحة، وصولاً إلى المرتفعات الجبلية الشديدة الوعورة. وتشير التقارير الأمنية، إلى أن التنظيم يمتلك ترسانة سلاح متطورة، مكافئة للتسليح الذي يمتلكه الجيش اليمني، فالدبابات، والمضادات الأرضية، ومنصات إطلاق الصواريخ، وقذائف الهاون، والـ»آر بي جي»، وحتى المدرعات الحربية، وكاسحات الألغام، والمدفعية، صارت متاحة بيد مسلحي التنظيم -منذ شهور-، ناهيك عن أسطول السيارات العسكرية، والناقلات الحربية التي يستخدمها جهاراً نهاراً في التنقل بين محافظات أبين، وشبوة، والبيضاء.
استطاع تنظيم القاعدة أن يسبق خصومه بخطوات، جعل من إمكانية تكرار هجماته على أي شخصية، أو هدف إستراتيجي، أمرا ًممكناً، إضافة إلى استباقه الزمن، وذلك قبل أن يستكمل النظام اليمني الجديد قوته، وعافيته، وهو ما جعل من تنظيم القاعدة تركة ثقيلة، وورقة قوية؛ من أجل أن يكون لهم كيان، ودولة، تسعى من خلالها إلى تقديم نفسها كبديل للنظام، وهو أمر يدعو إلى القلق، خصوصاً وأن استقرار اليمن، مسألة بالغة الحيوية لدول الجوار، فضلاً عن تحكمه بأحد أهم المضايق البحرية في العالم.
في تقدير العقلاء، أن هناك دولة لها سيادة، يجب على الجميع احترامها؛ لتقوم بمسؤوليتها على أكمل وجه، ولا يكون ذلك إلا من خلال إعادة هيكلة جذرية للنظام السياسي؛ حتى يصبح أكثر شمولية، واستيعاباً. ولا يصح أبداً أن يكون جزءاً منه مستباحاً لعصابة إرهابية خارجة عن القانون، -لاسيما- وأنها لا تمتلك قاعدة شعبية في اليمن، وليس لها مشروع سياسي، مثل: الجماعات السياسية الأخرى، التي دخلت إلى المعترك السياسي، إضافة إلى نزوعها المفرط ضد المدنيين؛ مما يضعف جاذبيتها باستمرار لدى اليمنيين، بمن فيهم القبائل، إلى أن يتلاشى التنظيم، أو يكمن.
drsasq@gmail.com