|
الجزيرة - وهيب الوهيبي:
استطاعت المملكة العربية السعودية أن تحتل مكانة مرموقة في المحافل الدولية وعلى وجه الخصوص في معرض إنتل الدولي للعلوم والهندسة "آيسيف" والذي يتزامن في كل دورة مع المعرض الاسيوي للمخترعين الشباب AYIE 2012 حيث انطلقت إبداعات السعوديين في مسابقتي "إنتل آيسيف" و"آيتكس" من الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي (إبداع) الذي يؤهل هؤلاء المبدعين للمشاركة في هاتين المسابقتين، يأتي ذلك في سياق تطلعات القيادة الرشيدة لتحويل المجتمع السعودي إلى مجتمع معرفي مبدع لتدفع المملكة إلى نقلة نوعية في كافة مجالات الحياة، حيث تؤكد التوجيهات السامية دائماً بفتح الآفاق الرحبة لاستثمار المواهب ودعم الإبداع والابتكار.
وتأتي هذه الإنجازات ثمرة لتكاتف عدد من مؤسسات الدولة على رأسها وزارة التربية والتعليم، لتنفيذ التوجيهات السامية بضرورة الاهتمام بمبدعي الوطن ورعايتهم، ومن هنا تسعى مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع "موهبة" في إطار رؤيتها ورسالتها منذ نشأتها وحتى الآن إلى الإسهام مع بقية المؤسسات الوطنية في تحقيق طموح القيادة الرشيدة في الوصول بالمملكة إلى مصاف دول العالم الأول وإلى المجتمع المعرفي المتكامل والمبدع.
ويؤكد المبدعون السعوديون فيما يحققون من إنجازات في المحافل الدولية كل عام أن المملكة على الطريق الصحيح بنهجها مسار اقتصاد المعرفة والتحول إلى المجتمع المعرفي ونجاحها في تفعيل وجود المبدعين السعوديين في جميع المعارض الدولية الرائدة.
"إبداع"... الانطلاق إلى العالمية
يمثل الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي (إبداع) أساس المشاركة الدولية في مسابقتي "إنتل آيسيف" و"آيتكس" حيث يعكس الأولمبياد حرص الحكومة الرشيدة على تقديم كل أوجه الدعم لاكتشاف ورعاية الطلبة الموهوبين والمتميزين ومساعدتهم في تطوير مهاراتهم وتوجيه قدراتهم العلمية بما يخدم عملية التنمية ويواكب تطورات العصر، من أجل إيجاد رؤية متكاملة لبناء النشء ورعاية الموهوب السعودي وبناء مجتمع وطني معرفي متكامل يستثمر طاقاته البشرية وينمي رأس ماله الفكري من أجل تأسيس قاعدة معرفية تسهم في تطوير المجتمع السعودي، فيما تهيئ هذه المنافسات الطلاب والطالبات إلى الالتحاق بالجامعات الوطنية والعالمية والدولية الرائدة حيث تركز مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) ووزارة التربية والتعليم على إعداد منتجي المعرفة من خلال البرامج والأنشطة المختلفة لتعرّف المبدعين والموهوبين ورعايتهم وتجهيزهم لمرحلة ما بعد التعليم العام؛ للإسهام في بناء مجتمع معرفي مبدع في المملكة.
وتؤكد الأرقام أن للوطن ذخيرة من الموهوبين والموهوبات جسدتها أرقام المسجلين على بوابة موهبة للمشاركة في تصفيات "إبداع" التي أقيمت مراحلها النهائية في مدينة الرياض، حيث بلغ عدد المسجلين أكثر من 48 ألف مسجل في جميع مدن المملكة، كان نصيب مسار الابتكار من البنين المسجلين 14.680 طالبا، وعدد البنات المسجلين على نفس المسار 6.607 طالبة، أما في مسار البحث العلمي فقد بلغ عدد المسجلين البنين 19.064، والبنات 7.652، وسجل إجمالي المشاريع المقدمة 5.122 مشروعا للمشاركات الفردية والجماعية.
صياغة عقل الباحث العلمي
وبقراءة الأرقام جاء عدد المشاركين لهذا العام ليعادل أربعة أضعاف المشاركين العام الماضي، وفاق عدد المدارس المشاركة 5243 مدرسة بما يمثل 35 في المائة تقريباً من المدارس المستهدفة في المملكة، وبلغ عدد الورش التدريبية 975 ورشة للمعلمين والمحكمين والطلبة ومديري المسارات، وبلغ عدد المستفيدين من التدريب 17229. مستفيدا، كما أعدت موهبة 7 أدلة إرشادية يستفيد منها الطالب والمعلم المشرف على مشروع الطالب والمحكمين ومدراء مسارات الأولمبياد.
ويسعى "إبداع" إلى صياغة عقل الباحث العلمي، حيث كرست وزارة التربية والتعليم كل إمكاناتها مع موهبة لإتاحة الفرصة للموهوبين والموهوبات لصقل مواهبهم وتنمية قدراتهم ومهاراتهم وفق أحدث الأساليب العلمية للإسهام في بناء مجتمع معرفي مبدع ومتكامل.
وسجل نجاحا عاما بعد آخر باتساع دائرة المشاركة، حيث إن فكرة الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي تقوم على أساس التنافس في مساري البحث العلمي والابتكارات من خلال تقديم مشاريع عبر المشاركة الفردية أو الجماعية، يتم تحكيمها من قبل أكاديميين مختصين، لتحديد المشاركة الأفضل وفق معايير محددة للتأهل إلى مراحل متقدمة.
ويهدف إلى إعادة صياغة اهتمامات الطلبة لميادين التعلم والمعرفة، توفير البيئة التنافسية التي تشبع اهتمام شريحة مهمة من أبناء الوطن الموهوبين والموهوبات، تنمية روح الإبداع لدى ناشئة وطلبة المملكة في المجالات العلمية والتقنية، اكتشاف المواهب والملكات العلمية لدى الطلبة، تطوير مواهب الطلبة عن طريق حثهم على التعلم والتطوير الذاتي عبر التنافس الشريف، وأخيرا التمثيل المشرف للمملكة في المحافل الدولية بمشاركات متميزة.
وبلغ التعاون والتنسيق والشراكة بين وزارة التربية التعليم و"موهبة" بلغ مرحلة متقدمة لصالح موهوبي ومبدعي الوطن، إذ يعتبر "إبداع" أحد ثمار هذه الشراكة التي أتاحت للوزارة وموهبة تقديم خدمات أكبر لرعاية الموهوبين وتوحيد جهودهما بشكل يدعم ويشجع مناخ الموهبة والإبداع في المملكة ويخلق بيئة محفزة للموهوبين والموهوبات من طلبة وطالبات التعليم العام.
إنتل آيسيف.. أرقام وإنجازات
لم يخرج مبدعو الوطن من طلابها وطالباتها دون إنجازات من مشاركتهم في معرض إنتل الدولي للعلوم والهندسة "آيسيف" 2012 م فقد استطاعوا أن يثبتوا وجودهم من بين 1500 طالب وطالبة من 65 دولة، بفريق ضم 22 طالبا وطالبة شاركوا بـ 18 مشروعاً وحققوا فوزهم السادس على التوالي حيث فاز الطالب هشام خالد الفالح من مدرسة الظهران الأهلية في المنطقة الشرقية بالمركز الثالث عن مشروعه "صناعة وتطوير المجسات المصنوعة من "التنجستين" للاستعمال في المجهر الإلكتروني والمجهر الذري" في مجال هندسة المواد والهندسة الحيوية، فيما حازت الطالبة فاطمة غسان حسن العجاجي من مدرسة الفيصلية الشرقية في المنطقة الشرقية جائزة المركز الثالث في مجال هندسة المواد والهندسة الحيوية عن مشروعها "جهاز ذاكرة مرن وشفاف"، وحصد جوائز المركز الرابع كل من الطالب نايف سهيل عبد العزيز الحمود من مدرسة الظهران الأهلية في المنطقة الشرقية عن مشروعه "محفزات كيميائية صديقة للبيئة لتفاعلات سوزوكي المائية" في مجال الكيمياء، والطالبان سليم عبد الفتاح أحمد الدجاني ومجد عبد الله علي العبندي من مدرسة الظهران الأهلية بالمنطقة الشرقية عن مشروعهما "توجه فريد وجديد لمواجهة الأمراض العقلية، طريقة مبتكرة لتبكير تشخيص وعلاج التوحد والوقاية منه" في مجال الطب والعلوم الصحية، بالإضافة إلى فوز الطالب عبدالله عبد الفتاح سليمان مشاط من مدرسة ثانوية عين جالوت بمكة المكرمة بجائزتين خاصتين في مجال العلوم السلوكية والاجتماعية عن مشروعه "عيني في إصبعي".
واستطاعت المملكة في هذا المحفل أن تتصدر الدول العربية السبع التي شاركت في معرض "إنتل آيسيف 2012م" الذي أقيم في مدينة بتسبرج في ولاية بنسلفانيا، بحصولها على نحو 60 في المائة من الجوائز التي حققتها الدول العربية المشاركة.
ومثلت مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) ووزارة التربية والتعليم المملكة في معرض إنتل الدولي بفريق يضم 22 طالبا وطالبة (14 طالبا و8 طالبات)، بمشاريع توزعت على عشرة مجالات هي الكيمياء، الطب والعلوم الصحية، هندسة المواد والهندسة الحيوية، علم الأحياء الخلوية والجزيئية، الإدارة البيئية، العلوم الاجتماعية والسلوكية، الأحياء الدقيقة، علم النبات، علم الحيوان، والفيزياء والفلك.
ورأى معالي نائب وزير التربية والتعليم الأمين العام لـ"موهبة" الدكتور خالد بن عبدالله السبتي أن هذا الظهور السعودي المميز نتاج عمل وجهد وتعاون وتطوير مستمر للشراكة الفاعلة بين موهبة ووزارة التربية والتعليم وللأولمبياد الوطني للإبداع العلمي (إبداع)، الذي يثبت في كل دورة من دوراته أن ذخيرة الوطن من المبدعين والمبدعات معين لا ينضب، مقدما التهنئة للقيادة والوطن، وللطلاب وأولياء أمورهم ومدارسهم ومعلميهم ومشرفيهم على هذا الإنجاز السعودي للعام السادس على التوالي في "إنتل آيسيف".
واضاف معاليه أن الإبداع والموهبة والابتكار أداة مهمة من أدوات التعامل مع تطورات البيئة الدولية الجديدة في ظل توجه المجتمعات إلى اقتصاد المعرفة باعتبارها مفتاحا لأي ميزة نسبية نحو تحقيق النمو الشامل والمستدام، مؤكداً أنه يعكس اهتمام المملكة بضرورة الاستثمار في العقول وتنمية رأس المال الفكري المؤهل للمشاركة في توجه المملكة نحو اقتصاد معرفي مبدع قادر على المنافسة عالمياً.
في المقابل يشير رئيس الوفد السعودي في معرض "إنتل آيسيف" أحمد البلوشي، إلى أن الإنجاز السعودي لم يتوقف على الفوز في المعرض وإنما تعدى ذلك إلى تكريس الوجود السعودي في كبرى المسابقات الدولية، وإتاحة الفرصة أمام ذخيرة المملكة للمستقبل من المبدعين والمبدعات لمشاركة نظرائهم من مختلف أرجاء العالم الأفكار وعرض المشروعات العلمية والاحتكاك بخبرات وتجارب أخرى.
إنجاز "آيتكس"... والمشاركة الأولى
أثبت المبدعون السعوديون أنهم قادرون على حصد الإنجازات في أي محفل، ففي مشاركتهم الأولى في في المعرض الآسيوي للمخترعين الشباب AYIE 2012 (آيتكس) الذي يستهدف شباب المخترعين في الفئة العمرية من 20 عاما فأقل، في العاصمة الماليزية كوالالمبور، حققت المملكة العربية السعودية أربع ميداليات ثلاث ذهبيات وفضية إذ حصل الطالب وليد الزهراني من المخواة على ميدالية ذهبية في مجال النقل والمواصلات عن مشروعه "المنعطفات الآمنة"، والطالب سعود عبدالعزيز الشمري من الجبيل علي الذهبية الثانية عن مشروعه " Grateful walk" في مجال الرعاية الشخصية"، وفازت الطالبة أمل الزهراني من الخبر بالميدالية الذهبية الثالثة عن مشروعها "الكشف عن الأقمشة الخارجة من السيارة" في مجال الرعاية الخاصة والأطفال، فيما حصلت على الميدالية الفضية الطالبة ريم ناصر المنيع من الزلفي عن مشروعها "تلقين القراءات السبع للطالبة" في مجال الجوانب التعليمية.
وجاءت المشاركة في المعرض من خلال مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع (موهبة) بالشراكة مع وزارة التربية والتعليم.
ويأتي هذا الإنجاز ليعكس قدرة المبدعين السعوديين الشباب لا سيما أنها المشاركة الأولى للمملكة في هذا المعرض الدولي للمخترعين الشباب، الذي يهدف إلى تشجيع الابتكار في سن مبكرة ويعتبر منصة للشباب المخترعين لعرض ابتكاراتهم.
ومثلت المملكة في الدورة الثالثة لمعرض AYIE 2012 للمخترعين الشباب بوفد ضم 4 طلاب من الفائزين في مسار الابتكار في أولمبياد "إبداع"، كما شاركت في لجان التحكيم في معرض آيتكس 2012م بالدكتور عمر بن سليمان الحميدي المتخصص في نظم المعلومات في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، عضو اللجنة الرئيسية لتحكيم مسار الابتكار في أولمبياد "إبداع".