تعد البرامج الوقائية أهم الخطوات لعلاج أي ظاهرة أو مشكلة، فالتنبيه لها قبل حصولها أفضل من علاجها بعد وقوعها. وقديما قيل (الوقاية خير من العلاج).
والتوعية إحدى آليات الوقاية بما تعنيه من المساهمة في تنمية المهارات المعيشية وتعزيز أنماط الحياة الصحية والاجتماعية والنفسية التي تعتبر إحدى الاستراتيجيات الرئيسة لتعزيز مفهوم الحياة السليمة في المجتمع.
وإن كانت المجتمعات المتقدمة تشرع بالتوعية والإرشاد قبل إحلال أية برامج صحية أو اجتماعية، فإن الشعوب النامية تجد نفسها وجها لوجه أمام برامج وأنظمة جديدة تتطلب وقتا لفهمها ناهيك عن تطبيقها الذي يقتضي تدرجا وتهيئة.
ومن الأساليب التي يجدر القيام بها حين إقرار أي نظام؛ التخطيط والتنظيم لبرامج توعوية متكاملة (وقائية وتأهيلية وعلاجية) تشمل الفئة المستهدفة، ويحسن أن تبدأ بالمحاضرات الحوارية غير التقليدية البعيدة عن التنظير والإلقاء بحيث يتم فيها تصحيح المفاهيم الخاطئة من خلال التركيز على السلوكيات السلبية وتقويمها ليكون المجتمع متهيئا لقبول تلك البرامج وإنجاحها، مع ضرورة مشاركة الفئة المستهدفة بتحديد احتياجاتهم وإثارة اهتمامهم وتبني آرائهم الإيجابية التي تقود للتغيير وممارسة السلوك السليم واستخدام التقنية التي تتماهى مع متطلبات العصر ولغة المستهدَف، مع الأخذ بالاعتبار دراسة التغذية الراجعة، وقياس نتائج أي برنامج توعوي لتفادي الوقوع في الأخطاء وانعكاساتها السلبية على البرنامج أو النظام.
كما لا يتوقف الأمر على ذلك بل يتجاوزه إلى نشر الوعي عبر الوسائل الإعلامية والهاتفية والإلكترونية والإجابة عن الأسئلة وتقديم الاستشارات، وعدم الاعتماد على التوعية التقليدية مثلما تفعله بعض الجهات باقتصارها على المطبوعات الموجهة حيث لم تعد مجدية لضعف إقبال الجمهور على القراءة وتحولها لأحد أشكال الهدر المالي فحسب. وقد يكون مفعول رسالة نصية قصيرة أكبر أثرا من المطويات والمنشورات، كما يكون في لقطة تلفزيونية أو صورة مرئية تأثيرا في النفس وجذبا أكثر مما يلقى في محاضرات تستنفذ الوقت والجهد والتحضير، مع الانتباه إلى اختلاف مفهوم الإعلام التوعوي عن الدعاية الإعلامية، والأخذ في الاعتبار عدم الاعتماد على القوالب الجاهزة بهدف تغيير السلوكيات وتصحيحها؛ فما يصلح لزمن قد لا يصلح لزمن آخر وما يتقبله أفراد ربما لا تتقبله مجتمعات وما يناسب مجمل الناس قد لا يناسب فئة الشباب حيث ينبغي حساب مرحلة النضج ومراعاة خصائصهم المعرفية والإدراكية، واهتماماتهم بأدوات التقنية الحديثة كالإنترنت وتطبيقات الهواتف المحمولة، ويحسن الاتجاه لطرق قنوات التواصل الاجتماعي كتويتر وفيسبوك ويوتيوب للوصول لهذه الشريحة بطريقة ميسرة.
ولأن المملكة تعاني من ندرة المتخصصين المحترفين في مجال التوعية؛ فمن المهم العمل على وضع إستراتيجيات وطنية فعّالة مبنية على منهج علمي، وإيجاد كوادر مدربة ومؤهلة للعمل في الميدان التوعوي من خلال توفير الإمكانات والموارد البشرية والمالية ليمكن الرفع من مستوى الوعي لدى المجتمع.
rogaia143@hotmail.com
Twitter @rogaia_hwoiriny