عُني الباحث والشاعر الأردني الراحل الدكتور/ماجد العامري, بأدب وأدباء المدينة المنورة طيلة فترة إقامته فيها مدة تجاوزت ثلاثين عاماً, وأسهم في الحراك الأدبي فيها بما قدمه من دواوين شعرية, ودراسات نقدية. حتى وافاه الأجل المحتوم وانتقل إلى جوار ربه. وهذه رثائية تحاول التعبير عن شعوري بهذا الفقد الأليم.
تقلُّبُ الدهرِ لا يُبقي على أحدٍ
و لا رخيصٌ له خُلدُ ولا غالي
و الكلُّ يسكُن دنيا لا بقاءَ لها
وكلُّ زخرفها ماضٍ لترحالِ
هذي الحياةُ تُرانا فوق مسرحها
نلهو لحينٍ كأنا جمعُ أطفالِ
وبغتةً تُسدِلُ الأستار تحجُبُنا
عن العيونِ ونمضي دون إقبالِ
لا تستقرُّ صروفُ الدهرِ ثانيةً
وليس من طبعِه مكثٌ على حالِ
ما إن نودِّعْ صديقاً كان يصحَبُنا
حتى يوارى صديقٌ بعدَه تالي
لا يترُكُ الدهر جمعاً دون تفرقة
وليس ينجو جديدٌ منه أو بالي
ما إن تَجِدْ مُقلَة ًبالبشرِ باسمة ً
حتى ترى دمعَها يجري كسلسالِ
واليومَ وَدَّعنا خلٌّ أُخُوَّتُه
لِما تَزَل عندنا من غيرِ أمثالِ
وفاؤُه قلةٌ في الصدقِ صحبَتُه
كنزٌ من الوُدِّ لا يُشرَى بأموالِ
إن الأماجدَ لا تُنَسى مواقِفُهم
وليس سِيرَتُهم ترمى بإهمالِ
لو كان في يَدِنا ما وُدِّعُوا أبداً
إن القضاءَ بأمرِ الواحدِ العالي
يا ماجد العامريّ رفقاً بأنُفِسنا
فالقَدرُ دمرَّنا تدميرَ زِلزالِ
مضيتَ تُسرِعْ ولا وَدَّعْتَنَا سلفاً
وكنتَ فينا حبيباً ليس بالقالي
وقد عرفناكَ عن قُربٍ وتجربةً
تبقي على الوُدِّ في حلٍّ وترحالِ
وكنتَ تُبدِعُ أشعاراً مؤثِّرة ً
وكنت تشدو بصوتٍ هادئِ البالِ
و وجهُكَ العذبُ تروينا بشاشَتُه
ما كنت ذا غَضَبٍ في أيِّ أحوالِ
لا تعرف الكِبْرِ.. لا تعنُو له أبداً
طَلْقَ المُحَيَّا وقوراً غيرَ مختالِ
فنَمْ و أنتَ قريرُ العينِ مُغتَبِطٌ
بَرَّاً.. كريماً.. وفياً.. بين أبطالِ
ياربِّ أجزِل له عفواً ومرحمةً
وَجُدْ عليه برضوانٍ و إقبالِ