الزغاريد وأصوات الدفوف وأرتال المعازيم من كل صوب وتواصل الفرح إلى الساعات الأولى من الصباح لم تعد دلائل فقط على حفلات الخطوبة أو الملكة أو الزواج إيذانا بدخول عش الزوجية وبداية حياة جديدة. إذا مررت بجوار قصر أفراح أو صالة فخمة في فندق فاخر وتنامت إلى مسامعك عبارات التهاني والتبريكات فلا تتوقع أن ما تسمعه صادر من حفل زواج فاليوم حيث تحول الحزن إلى فرح وباتت المواقف التي كنا نخشى حدوثها منتظرة وبشغف وخاصة لدى كثير من النساء فالفرح المفرط قد يكون نتيجة لحصول إحداهن على حريتها ومغادرتها لحياة زوجية كئيبة ومذلة أو بعبارة أدق غير ناجحة من وجهة نظرها حياة لا تستحق أن تهدر ما تبقى لها من أيام العمر في رحابها التعيسة.
بعض النساء ينتظرن الطلاق بفارغ الصبر هذه حقيقة واقعة في هذه الأيام خصوصا أن نسب الطلاق في ارتفاع إذ وصلت في السعودية مثلا 21% بحسب إحصاءات محاكم الأنكحة , ومثل هذه المحاكم أيضا تنظر في مئات القضايا ومنها قضايا شائكة وقضايا نساء يتمنين الفكاك حتى ولو دفعن آلاف الريالات أي أن ساعة إصدار حكم الطلاق بالنسبة لهن لحظة تاريخية تستحق الاحتفال وإعلام كل الأحباب والأقارب. تم رصد رسالة نصية كتبتها إحدى المطلقات بعد أن شمت نسيم الحرية ولخصت فرحتها بالعبارة التالية”باركوا لي طلقني اللي ما يتسمى”.
الطلاق بالتأكيد يمثل ظاهرة لكن الاحتفاء به وإقامة الاحتفالات ابتهاجا بحدوثه لا يحتسب إلا أنه مجموعة من الحالات الفردية على الأقل المعلنة منها على الملأ. ربما يوجد حالات احتفاء وفرح بالطلاق لكنها غير مرصودة لوقوعها في ساحات بعيدة عن عيون الإعلام , وقد تكون غير معلنة اكتفاء من المطلقة بالفرح الداخلي إما احتراما لعشرتها مع طليقها مهما بلغت قسوة أيامها أو مواكبة للعادات والتقاليد والأعراف والعيب الاجتماعي الذي يفرض على المرأة أن تختزن أحزانها في صدرها دون أن تبوح بها لأحد تحاشيا للشماتة والفضيحة وفرحة العذال.
تعقد العلاقات الزوجية قد يفضى إلى اتساع رقعة الأفراح لتصبح ظاهرة مشهودة في كل مدينة وقرية. قبل مدة أقامت مطلقة وليمة عامرة في أحد الفنادق الفاخرة احتفالا بطلاقها ودعت إليه عددا من صديقاتها وزميلاتها في العمل وتقول المطلقة وهي في قمة سعادتها “أن الطلاق ليس دائما ذكرى سوداوية وعلى النقيض فإن الزواج ليس دوما ذكرى سعيدة لكن هي ساعة احتفاء جميلة بلحظة الخلاص من تجربة مريرة “. واحدة أرادت أن تشارك صديقتها أفراحها بطلاقها فأرسلت لها تورتة كتبت عليها “ألف مبروك الطلاق يا أموله وجوازه جديدة سعيدة وحب للأبد”.
الفرح والابتهاج بالطلاق مؤكد أنه نتاج حياة زوجية فاشلة من الطرفين أو من أحدهما لتسرع الطرفين في قرار الزواج واختيار شريك العمر ما أدى إلى اكتشاف أمور فظيعة بعد الزواج مثل البخل أو الظلم أو العدوانية أو النذالة أو الخيانة أو الفساد الأخلاقي وهي حالات لا يمكن أن تصبر عليها المرأة وأكثرها مرارة الاستعباد وسرقة الأموال وهضم الحقوق.
الدخول للحياة الزوجية بلا علم ولا دليل ولا معرفة بالحقوق والواجبات يضع هذه العلاقة على صفيح ساخن يهدد بقطع كل الوشائج جملة واحدة ما يؤكد أننا مجتمع يحتاج لتأهيل مكثف قبل التفكير بالزواج.
shlash2010@hotmail.com
تويتر abdulrahman_15