الاهتمام بالإنسان وشؤونه والوصول به إلى أرقى درجات التكريم وأعلى سلالم الأهمية، هذه الأمور وغيرها لا يمكن أن تتحقق إلا لمن أعطاه الله العقل الكبير والقلب الأبيض والأخلاق الفاضلة النبيلة وحب الناس دون تفريق والصلح بينهم والصفح والتسامح والعفو وتطبيق العدل والمساواة؛
مواصفات اجتمعت كلها في الملك العادل الصادق الصالح خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله ابن عبد العزيز الذي شهد له العالم بأسره واحتل مكاناً وشغل زماناً، فتحت له أبواب إعتاق الرقاب كفضيلة خلقية تُضاف إلى ما يتمتع به من فضائل وقيم كالحلم والكرم والمواقف المشرِّفة، رسخ علاقته بربه الذي قال: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً}، ثم رسخ علاقته وارتباطه بشعبه واحتل قلوبهم وحقق طموحاتهم وآمالهم وحاز على رضاهم، وإذا كان لكل إنسان ميول فإن الملك المفدى أثبت للجميع أن ميوله حب الخير والعمل به، عوّد نفسه على الأفعال الجليلة النافعة لأمته ووطنه.. وبما أن الأمم ومنذ أقدم العصور تعتز بتاريخها وأيامها وتخلد الأمجاد فإنه يحق لنا كأمة سعودية أن نخلّد اليوم المبارك الذي امتزجت فيه مشاعر العفو والفرح والصبر والمروءة والشهامة والشموخ إنه يوم لا يُنسى، ذلك اليوم هو يوم الجمعة الخامس من شهر رجب من عام 1433هـ الموافق 26 مايو - آيار من عام 2012م، في هذا اليوم تنازلت 22 أسرة عن قاتلي أبنائها لوجه الله، ثم تقديراً لشفاعة الملك خلال استقباله - رعاه الله - في قصره بجدة العافين الذين أكَّد لهم أنه من حظ الشعب السعودي أن به أجواداً ورجالاً يعرفون واجباتهم الدينية والأخلاقية، مؤكداً أن التنازل ليس بهيّن ولكنه من شيم الأخيار، لقد تسابق المتنازلون ووقفوا أمام الملك وأعلنوا بكلمات صادقة تنازلهم وعفوهم، إنه موقف عظيم ويا له من يوم يجب عدم نسيانه وعلينا أن نتذكّره كل عام ويحق لنا تسميته بـ(يوم العفو السعودي) أسوة بباقي الأيام الخالدة في تاريخ المملكة، وحتى يعرف العالم كله أننا دعاة سلام ودعاة عفو، وأننا نتعامل مع التسامح مدلّلين على أن طبيعتنا الإنسانية تؤثِّر في حياتنا عقلياً وأخلاقياً وحتى لا يمر هذا اليوم مرور الكرام علينا أن نتذكّره بكل اعتزاز. سلمت يا ملك العدالة.