فاصلة:
((على الطريق التي لا تخشى شيئا عليها، ينقض عليك الوحش)
- حكمة عالمية -
في أي بلد غربي تدرس به يسألك الناس إذا عرفوا أنك قدمت لتدرس فيه هل ستعود إلى بلدك؟
هذا السؤال الذي لكثر ما تكرر على مسمعك فقدت الدهشة عند سماعه وعرفت أن هناك إجابات أخرى غير تلك التي تقولها بإصرار «نعم لا بد أن أعود».
حين تستقر في بلد حضاري وثقافة منفتحة وتجد الحياة رغم مشقتها من الناحية المادية إلا أنها تمنحك كإنسان الحرية والاستقلالية وتمنح أطفالك التعليم بجودة وتهيئ لأسرتك المستقبل الآمن ما الذي يغريك بالعودة إلى بلدك؟
الحقيقة أن وضع الإنسان في بيئته الصغيرة -الأسرة- هي التي تتحكم في قراره للعودة، بمعنى لا يهاجر الإنسان ويترك بلده لأنها تعاني من البطالة أو الفساد وما إلى ذلك لكنه يهاجر حين يخسر نفسه، حين يشعر بالغربة في بيته وبين أهله.
إذا قابلت طالبا قرر ألا يعود إلى بلده فذلك لأن بيته الداخلي في بلده مرتبك وعلاقته مع أعضاء أسرته يشوبها الكثير من المشاعر السلبية فلأي شيء يعود؟
الفتاة التي سافرت لتدرس وتعود إلى بلدها إذا كان في انتظارها أب ظالم ووصاية خانقة في أسرتها فلن تعود؟
والشاب الذي سافر وترك أبا متسلطا وقاسيا لا يمنحه حرية اتخاذ القرار فلن يعود؟
وجود البديل لدى الذين لم يتمتعوا باستقرار أسري في بلادهم جانب خطير علاجه لا يكون بمنع الطلاب من السفر بل بإصلاح الخطأ من جذوره.
ولذلك فإن بُعد الأبناء للدراسة فرصة للأسر أن تحاول ترتيب علاقتها معهم لتصبح علاقة سويّة وحضارية بعيدة عن تقليدية السلطة والوصاية التي لم يعد يقبلها الإنسان في زمن الثورات.
الطلاب الذين يسافرون ليدرسوا في الخارج يتعرفون على حياة أخرى وثقافة مختلفة وقد يتعرضون لصراعات عدة ما بين المعتاد والمألوف والجديد، هم يحتاجون أن تكون أسرهم في بلادهم الحضن الذي يحتويهم طوال فترة غربتهم، يحتاجون الدعم والثقة في عودتهم إلى بلادهم، التشكيك في إيمانهم وقدراتهم لا ينتج عنه إلا ولادة طائر مهاجر جريح حتى لو كان يجيد تمثيل دور الطيران بحرية واستمتاع فلا يوجد أدفأ من عشه لكن هل يعود؟.
nahedsb@hotmail.com