|
الجوف - محمد الرويلي:
كشف والد (طفل القريات) سالم مرزوق العازمي التفاصيل الكاملة لجريمة مقتل ابنه محمد (9 سنوات) البشعة، التي شغلت الرأي العام، وذلك بعد إلقاء القبض على الجاني وتسجيل اعترافه. وقد بدأ حديثه قائلاً: لحظة اختفاء ولدي كنت في مدينة سكاكا لمتابعة إحدى المعاملات الحكومية. ذاكراً أنه تلقى اتصالاً من أحد الأشخاص يسأل عما إذا تم العثور على طفله المفقود، وأن الذهول والفزع أصاباه؛ لأنه لم يكن يعلم حينها بفقدان ابنه محمد. وأضاف: قمت على الفور بالاتصال بزوجتي فأخبرتني بأن ابني مفقود منذ مساء البارحة، وأن الجهات الأمنية تبحث عنه، ولأنهم خشوا من الاتصال به ليلاً وإفزاعي لم يخبروني على أمل العثور عليه. ويواصل: بعد ذلك عدت للقريات، وتوجهت لمركز الشرطة الذي كان يحقق مع أحد جيراني للاشتباه فيه؛ فطلبت منهم إخلاء سبيله لإحساسي - وقتها - بأن ذلك الرجل مصيبته من مصيبتنا، ولا يمكن أن يقوم بهذه الجريمة، وكتبت إقراراً بذلك، وخرج فعلاً. وقال العازمي: بعد أن عثرت الشرطة على جثة ولدي عند شعيب « باير» فتحت الجهات الأمنية التحقيق من جديد مع هذا الرجل نتيجة لشهادة من طفل قال فيها إنه رآه مع ابني في يوم الجريمة، وكانت المفاجأة المدوية بعد اعترافه بتنفيذ الجريمة وقتله محمد وحرق جثته لاحقاً. وأضاف العازمي لكن يقظة المحققين في القضية وعدم اقتناعهم بحيثيات وتمثيل الجريمة وغياب خيوط عريضة في التحقيق وأطراف أخرى جعلهم يشكون في اعترافه؛ وذلك لأن الجاني أفاد بأنه قتل ولدي بـ «خشبة» كما أنه لم يستدل على مكان الجريمة بشكل جيد ولم يتوصل أيضاً لملابس الطفل وحذائه. مشيراً إلى أن الشرطة قامت بالاتصال به مجدداً «وأبلغتني عن وجود مشتبه آخر في القضية»، حيث أبلغوه بأنهم احتجزوا شخصاً آخر. وبيّن أنه رفض في البداية أن يتم التحقيق معه لشعوره بأن المتهم الجديد بعيد عن الشبهة، لكن المحققين رفضوا تلبية طلبه لوجود سابقتَيْن على الشخص الجديد المحتجز وقعتا في الخبر وسكاكا، وسُجن في إحداهما ثلاثة أعوام على خلفية اعتداء على أحداث. مضيفاً بأن التحريات التي أجرتها الجهات الأمنية كشفت أن له العديد من السوابق في مطاردة الأحداث، كما تمت متابعته، وتم رصد تحركاته في الأيام السابقة واتصالاته التي تبيّن أنه اتصل بوالد الضحية في يوم الجريمة ست مرات «سأل في أول اتصال دار بيننا عن فاتورة الكهرباء، هل قمنا بسدادها أم لا؛ فأخبرته بأنني منشغل فيضية اختفاء ابني، ثم توالت الاتصالات المتكررة منه يسأل هل وجدنا محمد، وهل تم إلقاء القبض على الجاني. وعندما وجّه أحد المحققين للجاني سؤالاً عن الكيس الأسود الذي قام بإنزاله في صندوق سيارته ذكر أنه نقل «دفاية» من شقته بالقريات إلى سكاكا، وعند سؤال زوجته التي كانت تقيم عند أهلها بالقريات؛ لأنها كانت تقضي حالة (نفاس)، ذكرت أنه قبل أربعة أشهر قام بنقل الدفاية إلى سكاكا، وتم ربط اتصال ورد من زوجته في وقت تنفيذ الجريمة، في مكالمة لم تتجاوز عشرين ثانية، وأغلق الخط بعد أن قال لزوجته إنه مشغول. وأمام ضغوط التحقيق انهار الجاني، واعترف بأنه وجد الطفل محمد أمام المنزل، وسأله عن والده فأخبره بأنه في سكاكا، ثم سأله عن أخيه الأكبر سامي فأخبره الطفل أيضاً بأنه مع والدته في إحدى المناسبات عند أحد الأقارب، فطلب الجاني من الطفل أن يساعده في إيصال أحد (الأغراض) إلى الشقة في محاولة لاستدراجه نجح فيها الجاني، وبعد ذلك مارس جريمته البشعة التي مات تحت تأثيرها الطفل؛ فحاول الجاني بعد ذلك إخراج الجثة وإخفاء معالم الجريمة كافة، وهذا ما حدث فعلاً؛ حيث قام بنقل الجثة في كيس زبالة أسود، وفي الطريق المؤدي إلى طبرجل شرق محافظة القريات (30كم) قام الجاني بالتزود (بالبنزين) من إحدى المحطات ثم قام برمي جثة الطفل عند شعيب (باير) كما قام بتغريق الجثة بأن سكب عليها كميات كبيرة من البنزين لإحراق الجثة وإخفاء معالم الطفل والجريمة لعدم الوصول إلى هوية المنفذ، ثم قام الجاني بالعودة إلى محافظة القريات وتنظيف الشقة ومسح الآثار المتبقية بـ(منشفة)، وإعادة ترتيب الغرفة، كما قام بوضع حذاء الطفل والمنشفة في كيس، وبعد أن قطع مسافة (330كم) توقف لدفن الكيس في المنطقة المقابلة لجامعة الجوف، كما قام بشراء حذاء جديد لمحاولة تضليل قصاص الأثر الذي تعرف على أثر السيارة التي وجدت أمام الجثة في شعيب باير، وأن نوعيتها دفع أمامي من بين 170 سيارة. وقد حاول الجاني أن يقنع المحققين أثناء التحقيق بأن حذاءه قديم، ويستخدمه منذ أكثر من ثلاثة أشهر، وهذا ما لم يقتنع به المحققون؛ لأنه يبدو على الحذاء أنه جديد».
وأضاف العازمي بأسى ومرارة بأن زوجته أُصيبت بصدمة عصبية رهيبة من جراء ما عاشته الأسرة من أحداث أليمة، راح ضحيتها ابنها محمد الذي كان يدرس في الصف الثاني الابتدائي، فيما لم تستطع والدة الطفل الضحية الأكل ولا النوم سوى باستخدام المهدئات، وبعد زيارة عدد من الداعيات والمرشدات الدينيات للأسرة تحسنت حالتها قليلاً.
أما سامي أكبر إخوة الطفل الضحية فيقول إن الجريمة جعلتني وإخوتي نغيب عن مدارسنا أسبوعين؛ لأننا كنا في حالة نفسية صعبة، لا يعلم بها إلا الله، لكن ما خفف عنا وواسى من جراحنا وخفف من أحزاننا هو زيارة طلاب منسوبي مدرسة محمد كافة من إدارة ومعلمين وطلاب.
وقدم العازمي شكره لـ»الجزيرة» لتغطيتها الخاصة ومتابعتها كل فصول ومراحل الجريمة، وإبرازها القضية للرأي العام، وتابعها الشارع السعودي، كما تقدم بالشكر لسمو أمير المنطقة ومحافظ القريات والمسؤولين الأمنيين لمتابعة القضية والوصول إلى الجاني.