ليس هناك مكان بالدنيا تهفو له القلوب، وتتشوق لزيارته النفوس مثل بيت الله الحرام ومسجد رسوله ولهذا فإن أي مشروع أو إنجاز أو تنظيم يتم فيهما يفرح به المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها!.
ومن هنا تأتي (الأمانة العظيمة) التي تحمّلها معالي الشيخ الفاضل عبدالرحمن السديس الذي اختاره خادم الحرمين الشريفين لينهض بأغلى (عمل) تقوم به وتؤديه المملكة وتسخّر له كل جهودها وإمكاناتها والمطلوب من ميزانيتها!.
والشيخ السديس هو أهل لهذه المهمة فهو ابن الرئاسة، وهو الذي عاش ثلاثين عاماً في رحاب الحرم وعرف ماذا يريد وفود الرحمن من حجاج ومعتمرين وزوّار عندما يأتون لبيت ربهم ومسجد رسولهم.
وأجمل هنا بعض الملاحظات والمقترحات التي بعضها من عندي وسبق أن كتبت عن جزء منها، وبعضها سمعتها من غيري.. أكتبها هذه الأيام بعد تولي الشيخ عبدالرحمن الذي أظهر حراكاً وبدأ نشاطاً مباركاً كما رحب بالمقترحات والملاحظات في أول تصريح له، وقد جاء ليكمل مسيرة من قبله ويحقق توجيهات خادم الحرمين لخدمة الحرمين.. وهذه بعضها:
أولاً: المطاف والحزم بتحديد حدٍّ معيّنٍ لا يتجاوزه الناس:
الأولى والأهم أن تتاح مساحات المطاف للطائفين ولهذا لابد من تحديد حد معين لا يتجاوزه من يجلس بالمطاف وبخاصة بعد ازدياد الطائفين طوال العام، وصغر مساحة الصحن وازدياد أعداد الطائفين، وعندما تنتهي توسعة المطاف بحول الله يتم زيادة المساحة لمن يرغبون الجلوس بالمطاف.
ثانياً: الأئمة وصلواتهم بالحرمين:
بذلت وتبذل قيادة هذا الوطن المليارات من أجل إعمار وصيانة الحرمين وهي تشْرف بذلك، وذلك لتحقيق (الإعمار الروحي) للحرمين الشريفين وفي تقديري أن من أهم جوانب هذا الإعمار هو: اختيار الأئمة ذوي الأصوات الحسنة في إمامة المصلين في الحرمين الذين يعمرون بيت الله بقراءتهم وصلواتهم ودعائهم، وإلى جانب الاختيار يلزم تنظيم الإمامة، وتحديد الصلوات للأئمة بحيث يكون هناك تنظيم يتم الالتزام به.. وقد كان ذلك يتم في وقت سابق حتى أن الناس يكادون يعرفون صلاة أي وقت من خلال صوت الإمام الذي يصلي بالحرم وكلنا يذكر أن (صلاة المغرب) كانت مرتبطة بالشيخ عبدالله الخليفي -رحمه الله- حتى لو صلى غيره لربما شك المستمع هل هي صلاة المغرب أو غيرها، ولهذا فإن الشيخ عبدالرحمن السديس ينتظر منه أن يوجه بجدول ثابت للأئمة ومن ينوب عنهم واختيار الأفضل صوتاً للصلوات الجهرية، وهذا المطلب من أهم مطالب المصلين في الحرمين ومن يتابعونهم من مئات الملايين عبر القنوات الفضائية وعبر فضائية القرآن الكريم تحديداً، وقد أسعد كل محب أن شيخنا عبدالرحمن رغم أعباء مسؤولياته الجديدة التزم بالصلاة بالحرم لإيمانه أن هذا أكبر شرف وأعظم مسؤولية تتضاءل أمامها كل أعمال ومسؤوليات الدنيا.
ثالثاً: النوم بالحرم:
مشكلة كبيرة والسبب الرئيس كما أشرت في مداخلة لي بمجلس الشورى نشرتها بعض الصحف: هو كثرة المعتمرين من الخارج وعدم توفر سكن قريب من الحرم ومؤسسات الطوافة توفر لهم سكناً بعيداً لهذا فإن كثيراً منهم ينامون بالحرم ويأكلون خارجه مدة بقائهم بالمملكة فضلاً عن سلبيات كثرة أعداد المعتمرين من الخارج من التسول والتخلف والنظافة، لذا لابد من سرعة معالجة هذه المشكلة وقد اقترب شهر رمضان: لذا لعل الرئاسة تبادر بالتنسيق مع شرطة الحرم وغيرها من أجل تقليص النوم بالحرم الذي يضايق الطائفين والقارئين والركع السجود، بل إن بعضهم لا يجدون أماكن لهم للجلوس للصلاة وقراءة القرآن، والتنعّم بأجواء الطمأنينة والخشوع، أما الحل الحاسم الذي سيقضي على هذه السلبيات فهو تحديد أعداد المعتمرين من الخارج حسب طاقة البيت الحرام وطاقة المساكن.
رابعاً: زيادة الدواليب بالأرض والأعمدة:
كثير من الداخلين للحرم يريدون أن يجدوا دواليب كافية لوضع أحذيتهم بها عند دخول الحرم ولكن مع الأسف لقلتها يضطرون بمشهد غير لائق لحمل أحذيتهم بينما لا يحمل إنسان حذاءه معه وهو يدخل مجلساً عادياً فكيف وهو يدخل بيت الله الحرام، ولكن كثيراً من الناس يضطرون إلى ذلك لعدم توفر هذه الدواليب، لذا أدعو إلى المبادرة بوضع دواليب كافية لوضع الأحذية بها، ويلزم مع هذه الخطوة أن يستفاد من رفوف الأعمدة ليوضع فيها كتاب الله بدلاً من وضعه بدواليب بالأرض قريبة من الأحذية، وفي هذا استفادة من الأعمدة، وتوفير أماكن لدواليب الأحذية فضلاً عن تكريم كتاب الله برفعه وإبعاده عن الدواليب الخاصة بالأحذية.
وبعد:
إنني أثق بحول الله بالأخذ بهذه المقترحات والملاحظات، فالرئاسة رسالتها: خدمة وراحة قاصدي البيتين، وفضيلة الشيخ السديس ومعه زملاؤه وأحباؤه بالرئاسة وفي مقدمتهم نائبه لشئون المسجد الحرام بخبرته الطويلة الشيخ محمد الخزيم ومنسوبو الرئاسة عموماً وذلك لتحقيق ما أمر الله به في خدمة ضيوفه وما يسعى له ولاة الأمر، وتقوم على تنفيذه رئاسة الحرمين الشريفين مع الجهات التنفيذية الأخرى، وفق الله القائمين على الرئاسة وبقية الإدارات المسؤولة.
hamad.alkadi@hotmail.com
فاكس: 4565576 ---- تويتر @halkadi