نشرت الجريدة في 2-6-1433هـ خبراً عن تنظيم الندوة الطبية التي أقيمت في جامع الراجحي بالرياض عمليات التجميل الجراحية من منظور شرعي وطبي، وقد كان لي شرف الحضور في وقتها فأقول معلقاً، من المعلوم أن الله كرّم الإنسان وخلقه في أحسن تقويم: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (4) سورة التين. ويقول الله سبحانه: {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} (64) سورة غافر. ومع التطور العلمي ومن ذلك الجراحات الطبية، سارع بعض الناس إلى المراكز التي انتشرت بصورة مذهلة، راغبين في إجراء العمليات التجميلية، وما كان منها ضرورة وحاجة فهذا ما سمحت به الشريعة، كآثار الحريق أو الحادث العارض أو العاهات والأمراض غير المعهودة، شريطة أن لا تحدث ضرراً مع ضمان نجاح تلك العملية الجراحية، وحتى تتم ممارسة الحياة الاجتماعية بصورة نفسية عالية، والقاعدة الشرعية تقول (لا ضرر ولا ضرار) وأما الوجه الثاني فهو التهافت اللاهث لتلك المراكز نتيجة لموضة أو ترف، يحمل في طياته تغيير لخلق الله، رغم العافية والسلامة، يعزز ذلك تحسين إعلامي للعناية بالجمال النسبي مع الغفلة عن حقيقة جمال الروح وحلاوة اللسان وغنى القلب: {وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ} (26) سورة الأعراف. وهذا الهوس العصري من بعض الذكور والإناث للعمليات التجميلية، وراءه سراب الجمال والشهرة، وهذا يؤكد ضرورة البحث والدراسة، حيث التوسع في الافتتاح لتلك المراكز، والازدهار المحموم بالدعايات والإعلانات، مع ارتكاب لبعض المحاذير الشرعية دون رقيب، وبذل وإهدار للأموال، أو التشبه والمحاكاة بمن لا خلاق لهم، أو إحداث الضرر النفسي والحمسي، أو كشف ما أمر الله بسترك من العورات، في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعن الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله) متفق عليه، فهل يعي اللاهثون خلف مراكز العمليات التجميلية من دون حاجة أو ضرورة عواقب تلك الآثار المترتبة على فعلهم، ولقد أعلنت إحدى الصحف المحلية في يوم الأحد1-5-1430هـ مطالبة فتاة عشرينية وزارة الصحة بمحاسبة إحدى المراكز الشهيرة في مدينة الرياض فقد عرضها للتشويه ومضاعفة الأمراض الخطيرة وتورم خدها الأيمن وانتفاخة وخروج الصديد منه بشكل مستمر، فأصبحت أسيرة الإبر والفراش والمعاناة النفسية، والدراسات الطبية تشير إلى ما تحدثه تلك العمليات والمستحضرات من أضرار وأمراض، وشوهات ومضاعفات خطيرة تتسبب في اعتلال الصحة في بعض الأحيان، والدور المأمول التعاون على البر والتقوى وأن يحمد الله المسلم على ما وهبه الله، وأن يتقي الله القائمون على تلك المراكز بأن لا يكون المال وسيلة لارتكاب محاذير شرعية، والمسؤولون في وزارة الصحة وهيئة مكافحة الفساد ومجلس الشورى القيام بسن الأنظمة المنظمة والإجراءات الوقائية لتلك المراكز مع المسح الشامل والتشخيص والتقويم، والحد من انتشارها على هذه الصورة، ونشر ثقافة المحاذير الشرعية والطبية لتلك العمليات الجراحية في الميادين التربوية رجالاً ونساء في الجامعات والمدارس من خلال البرامج والمجالس، ودور الدعاة والعلماء والخطباء والأطباء، ووسائل الإعلام والأسر لأفرادها، بيان الآثار والمخاطر حتى لا تتكرر المآسي.
سعود بن صالح السيف - الزلفي