تُسَابِق شركات التقنية الزمن لتقديم منتجات متطورة لخدمة البنوك وعملائها؛ فالبرامج الحديثة تدر مليارات الدولارات على مُبتكريها، الذين يجدون في التحديث، وبرمجة الفايروسات؛ وسيلة لكسب مزيد من المال على حساب القطاعات المصرفية، والمستهلكين.
تقنية «الدفع عن قُرب» من التقنيات الحديثة التي قدمتها شركتا «فيزا» و «ماستر كارد» لإرضاء عملائها، وجذب مزيدٍ من المستخدمين.. تُمكّن هذه التقنية حاملي بطاقات الائتمان الدفع من خلال تقريب البطاقة من جهاز الدفع (نقاط البيع) دون الحاجة لتمريرها في القناة القارئة، أو إدخالها في الجهاز، ودون الحاجة أيضاً لإدخال الرقم السري التقليدي؛ أو التوقيع على السند.. تقنية «الدفع عن قُرب» ما زالت مخصصة للمدفوعات المحدودة من أجل خفض خسائر الاختراق خلال فترة تجربة المنتج.
خبير ألماني؛ نجح وعلى الهواء مباشرة؛ بمسح رقم بطاقة مزودة بتقنية الدفع عن قُرب والمعلومات السرية في الشريحة المدمجة من خلال جهاز (سمارت فون).
شركتا «ماستر كارد» و «فيزا» اعترفتا بإمكانية «سمارت فون» على قراءة بيانات البطاقة؛ ونفتا في الوقت نفسه قدرته على قراءة الرقم السري، وهو رقم لا تكترث المتاجر بإدخاله!. اليوم أصبح بمقدور هواة البرمجيات؛ وليس المحترفين؛ التفوق على برامج الحماية أو اختراق البطاقات الائتمانية بسهولة ما قد يعرض ثقة المستهلكين بالتقنيات الحديثة.
الترف التقني بات يقود المصارف إلى عالم المجهول؛ فرغبة العملاء الجامحة تُضعف من ممانعة المصارف في استخدام التقنيات الخطرة، وتدفعها تحت ضغط المنافسة لدخول دائرتها الضبابية.
التقنيات المُبتكرة لا تخلو من مشكلات، بل إن البعض يعتقد أن تطوير الأجهزة الذكية، والخدمات الإلكترونية بأنواعها، بما فيها المدفوعات المالية، جاءت لخدمة الجانب الاستخباراتي على الجانب الخدمي والتقني؛ فلم يعد مستخدم هذه التقنيات يمتلك الخصوصية والحماية والسرية التي كان يحصل عليها من قبل، بل أصبح مكشوفاً لجهتين متنافستين؛ الأولى أمنية (غربية)، وهي الجهات التي أسهمت في تطوير تلك التقنيات من أجل الاستفادة من المعلومات الممررة، والثانية إجرامية، وتتمثّل في استغلال العصابات بيانات مستخدمي تلك التقنيات بهدف السرقة.
مهما قيل عن التقنيات الحديثة؛ إلا أن علاقتها بعنصر الأمان عادة ما تكون عكسية، فتطوير التقنية يكون، في الغالب، على حساب الحماية. السرقات الإلكترونية هي ضريبة التقنية الحديثة، وهي «ليلة القدر» بالنسبة لصانعي برامج الحماية. لا يمكن الوقوف في وجه تطور التقنية التي ساعدت القطاعات المصرفية على تطوير خدماتها بشكل لافت؛ إلا أن الإسراف في تبني صرخاتها؛ والتعامل معها كتعامل النساء مع صرخات الأزياء؛ هو نوع من الترف الخدمي الذي يقود إلى إضعاف عنصر الحماية والأمان؛ الجانب الأهم في التعاملات المالية.
وعلى صلة بالاختراق الإلكتروني؛ حذّرت وكالة تابعة للأمم المتحدة من مخاطر الفيروس «flame» الإلكتروني الذي قد يضرب القطاعات الحساسة. من الجهات الحساسة المتوقع تعرُّضها لهجمات الفايروس؛ القطاعات المصرفية. منسق الأمن الإلكتروني للاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة، ماركو أوبيسو، قال: «هذا هو التحذير الأكثر خطورة الذي نصدره».
كل ما أتمناه، أن تكف مصارفنا عن ترديد أسطوانة قدرتها على توفير «الحماية التامة» ضد الاختراقات، والعمل بجد لتطوير كفاءتها الأمنية بما يتوافق مع تطور قدرات المخترقين ومراكز الاستخبارات الدولية؛ مصارفنا ينطبق عليها المثل العامي القائل: «قال: سلمت القافلة. قال: ما جاها أحد».
f.albuainain@hotmail.com