كنت أعتقد أن الاجتماع بمعالي الشيخ د. عبد اللطيف آل الشيخ، رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سيكون لقاءً صاخباً، خصوصاً أن أي رئيس للهيئات يثير جدلاً ونقاشاً لأنه أكثر المسؤولين مواجهة واحتكاكاً بالناس, وأمره يتعلق بالخلية الصغيرة بالأسرة وتحديداً المرأة.
هذا الاعتقاد ساورني وأنا متجه للاجتماع الذي دعا إليه رئيس التحرير الأستاذ خالد المالك امتداداً للقاءات الوزراء ورؤساء الهيئات للتحاور معهم.
مساء يوم الأربعاء الماضي في لقاء الرئيس د. عبد اللطيف آل الشيخ وفي قاعة الاجتماع اختلف الوضع علينا، التقينا بمسؤول شهيته مفتوحة للحوار والعمل، شخصية قادرة على الفصل بين القضايا ويملك القدرة على السير فوق الخطوط الأكثر أشباكاً وبين الفواصل الصعبة والحساسة، ولا أبالغ إذا قلت إنه (نسف) بكل أبعاد الكلمة ذاكرة وتاريخ (تشدد) الهيئات وآليات عملها الحازمة والمغالية في تنفيذ مهامها. وأنا هنا لا أعني قراراته الأخيرة بالسماح للشباب والعزاب الدخول إلى الأسواق المركزية، ومنع مطاردة الشوارع, والتقيُّد بالبطاقات التعريفية لمنسوبي الهيئة، والالتزام في آليات عمل الضبط، وإحالة القضايا للشرطة والادعاء العام. وإن كانت هذه نجاحات، لكني أقصد الثقافة الحضارية التي يتمتع بها, والوعي الناضج, وروح التسامح والرفق مع الخطايا والزلات الشخصية, وعدم جر المجتمع إلى التشنج والاحتقان وإلى الرقيب المترصد والأجندة الخفية في عمل بعض منسوبي الهيئات، والأشياء المبطنة في الإطاحة بالخصوم والمنافسين.
أقصد تلك الروح المنسجمة مع نفسها والتي تعمل على استقرار المجتمع، والنظرة إلى نقاء الناس والتعامل مع الخطايا بستر وسماحة إذا كانت لا تؤذي الآخرين.
عبد اللطيف آل الشيخ، ينتمي ثقافياً وفكرياً ومهنياً لجهاز يحمل سجلاً طويلاً من المواجهة والصدام المتواصل مع المجتمع, حالات من الشد والشك والريبة، بدءاً من المتطوعين في إحدى مناطقنا وحراس الفضيلة في مناطق أخرى، والأوصياء في مناطق ثالثة، وحتى لا أكون بنظرة سوداوية وأحادية فإن لجهاز الهيئة دوراً إيجابياً تُشكر عليه، حفظت توازن المجتمع - بعد توفيق الله - في وقت كان المجتمع يموج بالأخطاء والتشكُّل وغياب الأجهزة الرقابية التي كانت في طور البناء, لكن الممارسة والتداخُّل في المهام أفقدت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صورتها الإيجابية ورسمت لدى المجتمع الصورة السلطوية والمسيطرة، وهذا دائماً ترفضه الشعوب والمجتمعات، حتى وإن كانت له منافع إيجابية.
الدخول من بوابة السلطوية والسيطرة والرقابة الضاغطة، وحراسة الفضيلة المتشددة، لا يُقبل شعبياً، ويدفع بالاستفزاز والمقاومة.
الرئيس عبد اللطيف آل الشيخ امتص المشاحنات وسجل التجاذبات، وألهمه الله وقاده إلى الطريق اللين والناعم في حوار الناس، حتى يؤدي مهامه، وجعل المجتمع يتفهم دوره ومسؤولياته من أجل تنفيذ وإنجاز ما أوكل إليه.