إبان الحصار المضروب على العراق على إثر اجتياحها للكويت؛ تعرض مواطن عراقي للانزلاق على الأرض بسبب تعثره بقشر موزة وتم نقله للمستشفى وهو يولول ويتساءل (تهون رجلي ووجعها لكن أموت وأعرف من وين جاء قشر الموز؟!). وقد كان الحصار مريراً، حيث لا يسمح بدخول الفاكهة وبعض السلع الاستهلاكية للعراق، وفاكهة الموز من السلع المستوردة التي مُنع دخولها لبلادهم، بل إن جيلاً من العراقيين لا يعرفون الموز إلا بالصور ولم يتذوقوا طعمه، حيث لا يزرع هناك!!
استعدت تلك الطرفة المؤلمة حينما قرأت خبر استبعاد المركز الوطني للقياس والتقويم درجة أحد الطلبة في المرحلة الثانوية وتحديد موعد آخر له لإعادة اختبار القدرات العامة، بحكم أن الدرجة التي حصل عليها خارقة (فوق90%)، وكان حصل قبلها في اختبار سابق على درجة (دون 70%) الأمر الذي يستوجب إعادة أداء الاختبار!
والحق أنني لا ألوم المركز الوطني للقياس والتقويم مطلقاً بسبب توجسه من النتيجة الخارقة للعادة، حيث يبدو أنه لم يحصل عليها أحد قبل ذلك! لا لصعوبة الأسئلة، ولكن لرداءة التعليم وسوء المخرجات التعليمية التي لا تليق ببلادنا ولا بمواطنيها!
ولن أعود لتشخيص أسباب وهن التعليم سواء بضعف المعلم أو بتقصير الطالب برغم قوة المناهج، ولكنني أعزِّي مركز القياس بتلقيه هذه الحقيقة بشكل متكرر وقبل القبول السنوي لدخول الطلبة للجامعات! وهو ما جعلهم يتوجسون من نتيجة الطالب الخارقة ويطالبونه بإعادة الاختبار استناداً للمقولة الشهيرة (المويه تكذب الغطاس)!!
وبرغم النتائج السنوية المؤسفة والمخيبة للآمال بحسب تقارير مركز القياس وليست بحسب الشهادات الوهمية التي تزخرفها المدارس ويقام لأجلها محفل وهتاف؛ إلا أن وزارة التربية والتعليم لازالت تقذف بمخرجاتها الرديئة سواء نحو الجامعات أو سوق العمل الذي عجز عن تحمّل تلك الرداءة التي ما فتئت المدارس تستمرئها وتستنسخها سنوياً دون وازع من دين أو رادع من ضمير أو زاجر من حياء، ناهيك عن تجاهل نوازع الوطنية التي ينبغي استحضارها في آلية التعليم والحرص على جودة المخرجات.
وحين تتحفظ أو تحتج لجنة القياس والقدرات وتتحرز على نتيجة طالب حصل على أكثر من 90 % وليس 100 %، فلأنها تدرك مسبقاً ما تحويه عقول بعض طلبة المدارس من خواء وأذهانهم من فراغ، بعيداً عن التعليم الحقيقي برغم أن جميع أسئلة القياس لا تخرج مطلقاً عن مناهج التعليم العام!! تماماً كما تساءل باستغراب ذلك العراقي المعزول عن العالم عن كيفية وصول الموز للعراق الأمر الذي أنساه ألم قدمه حتى لم يعبأ بالكسر ونتائجه!!
حقاً كيف حصل ذلك الطالب على تلك النتيجة؟ برغم أن الناس (حتى المتخصصين) لا يميزون بين كتابة الهاء والتاء المربوطة في نهاية الكلمة، لعل ذلك يقودنا لمعرفة كيف وصلت الموزة للعراق المحاصرة آنذاك؟
rogaia143@hotmail.com
Twitter @rogaia_hwoiriny