يقارب عدد مشتركي المؤسسة العامة للتامينات الاجتماعية المليون مشترك، وقد ساهمت التعديلات بأنظمة المؤسسة ضم شرائح واسعة من العاملين السعوديين بالقطاع الخاص من أصحاب المنشآت الصغيرة وغيرها ومع التركيز الحكومي على رفع نسبة مساهمة القطاع بالاقتصاد المحلي فإن أعداد المشتركين بالمؤسسة مرشحة لأن تقفز بنسبة
كبيرة خصوصاً أن برنامج نطاقات الذي يطبق الآن أسهم بتوظيف ربع مليون مواطن خلال تسعة أشهر مما يعني أن المؤسسة ستتفوق على نظيرتها مؤسسة معاشات التقاعد المعنية بالموظفين الحكوميين بعدد المشتركين وبالإيرادات خلال فترة قصيرة مما يضعها أمام تحديات كبيرة في توفير الخدمات للمشتركين وتعريفهم بحقوقهم والمحافظة عليها وتبرز العديد من التساؤلات التي ترقى إلى توصيفها بالمتناقضات غير المفهومة لبعض أنظمة المؤسسة تستوجب التوضيح من مقام المؤسسة للمشتركين فعلى سبيل المثال يتعاقد بعض المشتركين مع جهة عمل إضافية فيصبح لديه اشتراكان ويستفيد بهذه الحالة من المدة الإضافية فقط وليس من الراتب الذي تعاقد عليه ويتم اقتطاع اشتراك التأمين له ويتم التعاقد بين المنشأة والموظف بموجب عقد نظامي ويدفع الاشتراك للمؤسسة شهرياً وتستمر هذه العلاقة لسنوات وعند طلب هذا المشترك للتقاعد المبكر أو الاستفسار عن وضعه التأميني أو قيام لجان التفتيش بزيارة الجهة التي تعاقد معها أو لأي سبب آخر فإن اللجنة التفتيشية قد تقرر إسقاط هذه الاشتراكات لأسباب قد لا تكون واضحة للمشترك أو جهة العمل بأكثر من عبارة عدم وجود علاقة أي أن الجهة التي تعاقد معها لا تستفيد منه فكيف تتحدد لدى جهات التفتيش عدم وجود هذه العلاقة، هل وضعت معايير محددة يعرفها جميع الأطراف بحيث لا يقع المشترك تحت بند المخالفة ثم لماذا يتم إسقاط مدة الاشتراك بأثر رجعي فإذا كان المشترك قد أمضى سنوات وهو يدفع اشتراكه والمؤسسة تقبل ذلك فكيف تلغى المدة السابقة للاشتراك لماذا لا تكون من تاريخ وضوح عدم العلاقة للمفتشين أليس مضي هذه السنوات دون كشف المخالفة يعد خللاً من قبل المؤسسة قبل غيرها وتأتي الخطوة الإجرائية التي تعقب كشف المخالفة حسب وجهة نظر المفتش لتزيد من التناقض والغرابة لسابقتها فالمؤسسة تقوم برد الاشتراكات كما تم دفعها دون أي نقصان في الوقت الذي انتفعت المؤسسة من هذه الأموال لسنوات بتشغيلها وبالمقابل فإن تأخر أي جهة عمل بدفع الاشتراكات عن موظفيها فإن المؤسسة تقوم بوضع مبالغ إضافية على المبلغ المستحق ويعتبر كفائدة تشغيل حرمت منها المؤسسة فكيف يكون رد المبلغ للمشترك دون الأرباح التي تحققت منه وفي المقابل يضاف هذا الربح الافتراضي لمن تأخر بسداد اشتراكاته إلا يعتبر ذلك تناقضاً مع ثوابت الشريعة السمحاء ولست بطبيعة الحال مؤهلاً لتبيان ذلك ولكنه سؤال مشروع أرجوأن تجيبنا عليه المؤسسة وكذلك أهل العلم بمعاملات الفقه المالي الإسلامي فيفترض أن المؤسسة في حالات وجود اشتراكين لمشترك واحد أن تضع معيار العقد بين المنشأة والمتعاقد معها كأساس واحد لقانونية الاشتراك بينما هي تلعب الآن دوراً موازياً لوزارة العمل التي تحارب السعودة الوهمية وفق انظمة وضوابط ومسؤولية كاملة عن هذا الملف وإذا كانت وزارة العمل قد نسقت مع المؤسسة للتعاون معها بهذا الملف فإن المصلحة تقتضي التكامل بينهما وعدم اتخاذ قرار من قبل المؤسسة بعدم وجود العلاقة من طرفها قبل الرجوع لوزارة العمل وفتح المجال للمشترك للدفاع عن حقه وفق الأنظمة والقوانين التي تكفل له حقه وهذا يعني أن لا تكون المؤسسة هي الخصم والحكم بذات الوقت فوزارة العمل جهة ذات اختصاص وعمق بالأنظمة التي من خلالها تحدد معايير السعودة الوهمية ونأمل أن تحال للمحاكم العمالية هذه القضايا لا أن يكون البت والقطع فيها من قبل المؤسسة التي تمارس بهذه الحالة دور وزارة العمل دون أن تملك باقي صلاحياتها ففي التوظيف الوهمي هناك عقوبات على المنشأة أوسع من إسقاط الاشتراكات أو فرض غرامات على الجهة المخالفة ولذلك فإن الرفع بالحالات المشكوك بوهمية الوظائف فيها لجهة تحددها الوزارة سيخرج بأحكام شاملة للمخالف كل ما يترتب عليه بمثل هذه الحالات وأيضاً تبرئة له وحفظ لحقوق المشتركين والمنشآت في حال ثبت عدم وجود المخالفة كما أن الخلل ببعض عقود التعاقد في القطاع الخاص لا يجب أن يتحمله المشترك بإسقاط مدة اشتراكه فالأصل أنه يدفع اشتراكه وملتزم به فلماذا يتحمل المشترك مسؤولية خطأ لاذنب له به ويحرم من حقه بمنافع اشتراكه الذي قد يكون لسنوات بعضهم حسب ما قالوا لي وصل لعشرة أعوام وإسقط اشتراكه عن كل تلك المدة كما أن تصريح المؤسسة بأكثر من مناسبة أنها تقوم من خلال لجانها التفتيشية بتوعية اصحاب الأعمال بضوابط وقواعد الاشتراك بالتأمينات الاجتماعية يتنافى مع دور اللجان التي تبحث عن أي ثغرة لإثبات المخالفة، كما عرفت من الذين أوقعت عليهم المخالفات فالمفروض أن يكون الدور هو سد الثغرات وتوعية أصحاب العمل بها، خصوصاً أن المؤسسة تمنح المفتشين مكافات على المخالفات مما يعني أن البعض قد يجتهد بطريقة خاطئة أو مبالغ فيها بهدف الحصول على المكافئة وهنا لا أدعي أن المفتشين يتعاملون بطريقة منافية للقانون فهم أقسموا على تطبيق النظام ولكن إذا لم يكن هناك تفسير لأنظمة قد يقع المفتش بالخطأ دون قصد كما أن عدم تحويل القضية لجهة مختصة مستقلة يكرس تشابك المفاهيم للطرف المتضرر والمؤسسة حيال المخالفة فالأول قد يرى فيها ظلماً له والمؤسسة ترى أنها تطبق النظام ولذلك إذا فصلت جهة محايدة ومستقلة بالقضية تصبح عادلة من وجهة نظر كل الأطراف ويخفف بنفس الوقت العبء على المؤسسة، بحيث تكون جهة تنفيذية بهذه الحالة وليس جهة قضائية ومن الجوانب غير المفهومة أيضاً هو عدم قيام المؤسسة باقتطاع الاشتراك لمن يحصل على زيادة براتبه من الشهر الذي أقرت فيه الزيادة بل على المشترك الانتظار للشهر الأول من العام الميلادي ليبدأ اقتطاع الاشتراك على الراتب الجديد بالوقت الذي تقتطع المؤسسة الاشتراك على من يتوظف حديثاً بأي شهر يبدأ عقده خلال العام الميلادي كما أن المؤسسة لا تقبل أي زيادة في الراتب بأكثر من عشرة بالمائة سنوياً إذا تجاوز سن المشترك الخمسين عاماً فالبعض قد يحصل على عمل جديد يكون دخله أعلى بكثير من سابقه بعد سن الخمسين فما هو ذنبه أن يحرم من منافع هذه الزيادة إذا كان سيدفع عنها فإذا كان راتبه الجديد يضر بمصلحة المؤسسة فبامكانها أن تضع شرطاً لاستمراره بالاشتراك بنفس الراتب الجديد لمدة أكبر أو تضع معادلة جديدة لهذه الشرائح حتى تمنع التلاعب الذي قد يقوم به البعض حسب النظام الحالي لحساب التقاعد أن طرح هذه التساؤلات لا يلغي الجوانب المضيئة الكبيرة والملموسة للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بقدر ما تحمله من أهمية نظراً لدورها الكبير حالياً بحياة الموظفين بالقطاع الخاص وبالمجتمع السعودي والذي يزداد عاماً بعد عام تبعاً لتوسع دور القطاع الخاص بالاقتصاد المحلي فنأمل من المؤسسة أن تقوم بمراجعة دورية لانظمتها وتطويرها وفق حاجة سوق العمل مع إطلاق حملة توعوية دائمة تعرف المشتركين وأرباب العمل بواجباتهم وحقوقهم على حد سواء حتى تتعمق العلاقة بينها وبين المشتركين لمرحلة الشراكة الحقيقية وتعرفهم أيضاً ببرامجها واستثمارتها بين فترة وأخرى فهي بيتهم الذي يأمنون من خلاله على مستقبلهم بعد الله عز وجل.