ما كل من جرّ (العوا) صار (سرحان)
ولا كل من ميّل عقاله سنافي
هذا الفتى النحيل الذي أقض مضاجع شريحة عريضة من المحتقنين منذ أول موسم تطأ قدماه ملاعب كرة القدم؟!.
المحتقن عادة لا يجيد حساب الأمور، بل لا يستطيع، لأنه لو كان يستطيع لما تورط في شأن لا يدري كيف ستكون نهايته ومتى؟!
ذلك أنه في أول مواسمه، وفي باكورة نبوغه، حقق لقب هداف الدوري فجُن جنون القوم، وأصابهم الحدث بلوثة لم يفيقوا منها إلى اليوم لأن الحدث جاء في وقت كان لقب الهداف شبه حصري على أسماء معينة ومحددة كانت تحظى بكل التسهيلات من الصافرة وغيرها كي تظل تحافظ على مواقعها على رأس القائمة ؟!
قلت: إن المحتقن لا يجيد، أو لا يستطيع حساب الأمور بدقة.. لذلك اعتقدوا -بإيهام- من كبارهم بأن هذا (الجابر) لن يعمّر طويلاً شأنه شأن آخرين ظهروا ثم اختفوا وبالتالي بقيت الحظوة لتلك النجوم (المخدومة) موسماً إثر آخر ؟!.
إلاّ أن حساباتهم باءت بالفشل حينما ظل هذا الفتى يتنقل من نجاح إلى نجاح، ومن مجد إلى مجد سواء في كنف زعيم آسيا، أو بانضمامه للأخضر.. لذلك انتقلوا بأحقادهم واحتقانهم لمطاردته في كل اتجاه، وفي كل مكان يؤمه.. فحتى وهو يقود منتخب الوطن لتحقيق الانتصارات، والعبور به إلى نهائيات كأس العالم بعد أن فقدنا الأمل.. ظلوا كماهم، لا شغل لهم ولا مشغلة إلاّ تقصّده بالإساءات والتجريح، وذرف دموع التماسيح على نجومهم المخدومة التي فشلت في العبور بالأخضر إلى نهائيات المونديال العالمي على مدى تاريخ تواجدها، ناهيك عن فشلها في تحقيق كأس الخليج رغم تواجدها مع المنتخب لأكثر من نصف عمر الدورة الخليجية؟!!.
ولسوء منقلبهم، ظل الجابر يذيقهم مرارات الألم والهوان.. إذ امتدت نجاحاته الباهرة عبر سلسلة مهماته القيادية، وحتى بعد أن غزا مفرقه الشيب، وأضحى يمارس من الأعمال الفنية ما أضحى يمارسه بعد أن تزوّد بعلوم التخصص وبعد أن حقق أعلى درجات التفوق فيها.. لتمتد بذلك مأساتهم المتمثلة بعقدتهم الجابريّة ؟!!.
إن من يلقي نظرة على ردود أفعالهم عقب خبر انضمامه للجهاز الفني لأحد الأندية الفرنسية.. سيدرك تماماً مدى ما تحدثه هذه الظاهرة في أوساطهم من ارتباكات، وما يحدثه لهم من مواجع، ولكن هل يستحقون أي عطف أو شفقة كما لو كانوا قد أُصيبوا بجائحة.. كلاّ.. لأنها تنطبق عليهم مقولة (الحصى من الأرض والدم من رؤوسهم)، فلم يجبرهم أحد على ذلك، خصوصاً عقب تتالي الصفعات التي ما انفك الجابر يوجهها إليهم كلما شنّوا عليه حرباً، وما أكثر حروبهم التي شنّوها وخسروها بلا شرف أمام هذا الداهية الأسطورية.
بل إن الواضح والذي أثبتته الأيام أن مأساتهم مع الأسطورة العالمية سامي الجابر ستمتد طويلاً كما هي مأساتهم مع الزعيم الذي كلما (احتالوا) كي ينالوا شرف الاقتراب من محيطه وجدوا أنفسهم في متاهة لا يستطيعون الخروج منها؟!!.
وسيظل الزعيم يمضي قدماً في طريقه، متربعاً على عرش آسيا، وسيظل الجابر يمثل شوكة في أعينهم، وغصّة في حلوقهم تماماً كما ظلت تشكل لهم الأجيال الهلالية المتعاقبة من مآسٍ وأحزان، وفي كافة المجالات، وعلى امتداد تاريخه المجيد، والذي عُرف ببراعته في تفريخ وتخريج النوابغ إدارياً وعناصرياً.
***
في الوريد:
ياللي تجمّع في صنوف الكديش
خل الأصايل ما انت راعي سباق!
وش ذنبنا لا صرت مرّة خديش
تبغى السباق ولا قويت اللحاق!