ليس كل جديد بحسن، وليس كل قديم بحسن أيضاً، وبعض حسنات القديم تبقى حسنة، وبعض حسنات الجديد تفقد رونقها. وفي إطار الأدب فإن الصراع بين القديم والحديث أو بين التراث والحداثة قائم ولكل رواده، لكن رواد الحداثة كثيرون، وقيود الموروث الأدبي كثيرة، وقواعده قلاع يصعب دخولها من أبوابها أو تسلقها؛ فالحجّاب لهم شروطهم في قبول الداخل إلى أروقة القلعة، فيما أن الحداثة الأدبية عمدت بدلاً من طرق الأبواب أو تعلم فن تسلق القلعة إلى تفتيت حجارتها؛ ليسهل عليها الدخول إلى باحة الأدب من منافذه وثغوره دون المرور من بواباته.
د. نضير الخزرجي
***
تلهيج اللغة وتطويع اللسان للتلهيج ليس للنظام النحوي، ولا النظام الموسيقي للنحو أفضى إلى صناعة لغة في اللغة وإلى صناعة عقل مختلف أو ممايز. وعلى الرغم من أن ذلك يوهم بإدراك جمالي ما أو بتقريب فرادة الصورة الشعرية المبتكرة إلا أنه نادراً ما يكون ذلك. إننا لا نصنع ذائقة فريدة، ولا نخاطب ذائقة متميّزة بقدر ما نخاطب في الناس مألوفاتهم وعامياتهم، إلا ما ندر؛ ولذلك فإن خيطاً شفيفاً من سطوة المألوفات يجعلهم أكثر قبولاً وتجمهراً عند سماع القصيدة الشعبية أو التنويه عن أمسية شعبية هنا أو هناك، فضلاً عن اتساع المد الإعلامي وصناعة النخبوية بشرطها الجديد، بينما لا تجد في أمسية شعرية فصيحة إلا قلة من الغرباء يستمعون.
محمد العمري
***
إذا كان الشعر الشعبي كائناً ثقافياً يحمل صفاته الخاصة، ويكوّن إلى جوار الشعر الفصيح جانباً من جوانبها، فهذا لا يعطي الأحقية لأي كائن أن يرفضه أو يعزله في زاوية الشفهية هذه، وهو يتقاسم صيغتها مع الفصيح، ولا يبرر ذلك حالة الرفض التي نمارسها تجاهه، وأعني هنا الرفض النابع من القائمين على الشأن الثقافي والمهتمين بتنميته.
د. نايف الجهني