البلديات بمفهومها العام قديماً وحديثاً حتى ولو جاءت بمسمى مختلف، تعد أكثر الجهات التصاقاً بالمواطن, ويعتبرها المواطن هي الجهة المسؤولة عن الكثير من شؤون حياته.
في صدر الإسلام كانت الحسبة هي الجهة التي تتولى ما تقوم به البلديات الآن، وهذا لا يعني أن الحسبة بمفهومها اليوم كانت غير موجودة ولكنها كانت تقوم بالعمل البلدي إضافة إلى العمل الدعوي أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وما ذلك إلا لأن رجال البلديات في واقع الأمر يقومون بدور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بشكل آخر من أشكال ذلك الدور الحيوي والخطير, كونه يتعلق في بعض جوانبه بحياة الناس ومعيشتهم.
مقدمة أردت من خلالها تبيين الدور الكبير والمهم الذي يقوم به رجال البلديات وأثرهم في حياة الناس، فهم من يحفظ منار الأرض الذي قاله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (لعن الله من غير منار الأرض)، وهذا من وجهة نظري من أكبر وأجل أنواع الحسبة كونه يحفظ الحقوق ويحقن الدماء ويؤمن العيش بسلام داخل البلد، قرية كان أو مدينة، ميداناً أو شارعاً أو سوقاً، وهم من يؤمنون سلامة الطريق وسلامة الغذاء. عناوين مهمات هي في غاية الأهمية يتبعها تفريعات ذات أهمية مختلفة كلها تصب في خير الإنسان.
رجال البلديات قد يكون وجه الشبه بينهم وبين رجال الجمارك كبيراً، ويشتركون في مهمات متشابهة مع رجال الأمن، ولذا لن يكون مبعد النجعة من قال إن الجميع رجال أمن.
أقف هنا لأحيي أمانة منطقة الرياض على الخطوة المهمة جداً التي خطتها في مسار التطوير والنماء للعمل البلدي بإنشاء مجلس للبلديات بمدينة الرياض، يهدف إلى المزيد من التكامل والتعاون في سبيل مدينة حضارية متقدمة, ومقدمة لخدمة راقية، محققة أعلى درجات التميز البلدي الذي يتمناه المواطن والمقيم في هذه المدينة الكبرى.
البلديات الفرعية لها جهود كبيرة منطلقة من القاعدة الأساس وهي الأمانة ولكنها لديها من الاستقلالية ما يجعل الاختلاف في الأداء واضحاً بين بلدية وأخرى، قد يكون منشؤه إدارة البلدية نفسها, فهناك رئيس يمتلك من القدرات والرؤى ما يجعل من العمل في هذه البلدية مميزاً وناجحاً، وأخرى يمتلك من مقومات الروتين والبيروقراطية ما يجعل من بلديته حجر عثرة في الإنجاز والتطور, وهذا أمر معروف لدى الجميع. إذن المسألة مسألة قدرات فردية أكثر من أنها تنظيم وتشريع. وقد كتبت في هذه الزاوية مرة مشيداً بمهندس يرأس إحدى البلديات الفرعية لما اشتهر به من تميز وتطوير واضح جلي للبلدية التي يرأسها، وتمنيت أن جميع رؤساء البلديات بمثل هذا الشاب، واليوم أعتقد أن هذه الأمنية ستتحقق بهذا المجلس الذي سيكون بمثابة الإدارة الاستشارية التي تقدم الرؤية الواضحة لجميع بلديات الرياض الفرعية مما سيساهم في جعل الرياض لوحة واحدة متناسقة الألوان.
مدينة كبرى كالرياض تحتاج لجهود كبيرة وعظيمة لنحقق رؤية هندسية واضحة المعالم مترابطة الأطراف لا يعتريها خطوط متكسرة تعيق الرؤية البصرية لهذه المدينة الكبرى.
إن إنشاء هذا المجلس له من الأهمية من وجهة نظري الشيء الكبير والمهم، ولن يشعر المواطن بهذه الأهمية إلا بعد أن يلمس منجزاته على أرض الواقع، هذا ما أتوقعه وأرجوه.
والله المستعان,,,
almajd858@hotmail.com
تويتر: @almajed118