التخطيط الواعي أساس النجاح والتقدم لأي أمة.. ولن ينفع الدول كثرة أعدادها بل نوعيتها!..
قرأت أنه في إندونيسيا مدارس تقنية لا وجود للكتاب فيها..
الفصل مكون من اثني عشر طالبا فقط. يعمل الفصل على تنفيذ مشروع طيلة الأسبوع وفي نهاية الأسبوع تتم مناقشته مع معلميهم. تُرى إلى أين سيقود خريجو هذه المدارس بلادهم؟!
لا أظن إندونيسيا تستقدم عمالا أو تضطر الى استحداث أنظمة للبطالة المتفشية حيث التعليم بالصورة الصحيحة لبنة الأساس لقيام أي دولة. إستراتيجية إندونيسيا وكل بلاد النمور الآسيوية تنفذ وفق منهجية وتخطيط تتطلع للمستقبل وتعايش العصر رغم الكثافة السكانية وهكذا تنهض الامم وتتقدم الشعوب.
هم - وليتنا نفعل مثلهم - منذ الصغر يرسخون التقنية والصناعة في عقول الطلاب. ولو احتذت مدارسنا مبادئهم التعليمية سيكون طلابنا مثلهم وأفضل من الضائعين في متاهات بطالة مستمرة. تفوق حضاري أن يخدم التعليم الميول الذاتية والواقع المعاش.
الخبر يوضح أنهم في سن لا تتجاوز الثالثة عشرة مما يعني أنهم في المرحلة الإعدادية وهي مدارس خاصة للموهوبين من التلاميذ والذين لديهم ميول تقنية ومهنية. والجميل انها في بلاد لا تملك مصادر ضخمة وتعاني من كثير من مظاهر التخلف التنموي، ولم يجعلهم ذلك يقولون إن تطوير التعليم أمر ملحوق عليه، أو أنه أمر ليس في الأولويات، لم يقولوا كلاما يفت في عضد التقدم بسبب العجز والوهن.
النقطة الجادة لدينا معاهد مهنية ولكن ماالذي استفدناه؟
كانت هناك تجربة رائدة لرجل أعمال إماراتي لتخريج مهندسين وتقنيين عبر برنامج دراسة عملية تطبيقية في بضع سنوات دون تضييع الوقت في كل الحشو القائم في البرنامج الرسمي.
العلم والتقنية هي من سيقود العالم..
كتب طرق التدريس منذ أكثر من ثلاثين سنة وهي تشير إلى طرق تدريس مختلفة منها طريقة الوحدات وطريقة المشروع, ولكن لم أر خلال متابعتي لأحوال التعليم أي تطبيق لها.
جميل أن نبدأ بتطبيق نظام « الممارسة العملية» في خليجنا العزيز!..
كم تكلمنا وكتبنا عن أهمية التعليم المهني. وكم تكلمنا وكتبنا عن البطالة وخطورتها على الفرد والمجتمع. وكم تكلمنا عن ضرورة إضافة مواد مهنية وتقنية الى مناهج المرحلتين الابتدائية والإعدادية ليكتشف الأطفال ميولهم ويبلورونها في خيارات الدراسة الثانوية وما بعدها.
ومع هذا ما زلنا نعاني من تكدس خريجي الدراسات الأدبية وخريجي الجامعات في التخصصات النظرية.. ثم نستورد ملايين الخبرات من بلاد الله الواسعة.
تكلفة مزدوجة باهظة الثمن.
الموضوع مهم بل مصيري! وحيث تخصصي الأول هو التخطيط التربوي للمدى الطويل أرى عندنا حاجة ماسة لإعداد وتوفير كوادر تقنية مواطنة ومؤهلة بالتدريب والخبرة للقيام باحتياجات الميكنة والصيانة بكل فروعها وتخصصاتها. والبدء هو بتقديم الحوافز التي تشجع الشباب والشابات على الانضمام. الحوافز المادية التي تجتذبهم لهذا المجال وتطمئنهم متى ما تأكدوا أن النتائج مرضية مجزية. مجتمعنا يحتاج لتغيير ثقافته من احترام التلقين والحشو والحفظ الببغائي والشهادات الورقية الى احترام اليد العاملة والعقل المخترع والمبتكر للجديد. نحتاج معاهد متخصصة أكثر مما نحتاج جامعات عامة وشهادات في تخصصات لا تضمن وظيفة ولا استقرارا.. لا للفرد ولا للمجتمع.