كانت تعيش مع زوجها حياة سعيدة هانئة مستقرة، يحفها الحب، ويظللها الحنان، وتملأ السعادة أركانها، وأنجبت منه طفلين، يشبهان القمر جمالاً وبراءة وهدوءاً، لكن هذه السعادة والهناء لم يدوما طويلاً، فأدارت لها الأيام ظهرها، وتنكرت لها اللحظات الجميلة، وافتقدت الحياة الزوجية ألقها ورونقها وطعمها الجميل، ومذاقها الخاص، وبعد مضي سنوات على زواجها تبدّلت الأوضاع، وتغيرت أحوال زوجها، وتلون في شكل شخص آخر لا ينتمي - بتصرفاته وسلوكه - إلى الشخص الأول الذي عرفته وعاشت معه وأنجبت منه، بعد أن تعرّف إلى أحد رفقاء السوء الذي كان سبباً في أن يسلك طريق الشر، ويتعرف على السموم القاتلة، بل يصبح أحد مدمني المخدرات؛ فانقلبت حياتها إلى تعاسة، وترك الإدمان أثراً سلبياً سيئاً في حياته، بل حوّل حياة زوجته إلى جحيم لا يُطاق، ورأت منه أشد أنواع العذاب من ضرب وشتم وذل وهوان، وكذلك الطفلان صارا يعيشان في رعب دائم، ولم يقف شره عند هذا الحد بل امتد ليصل إلى أهلها، وقد حاولت كثيراً طلب الطلاق منه، لكنه كان يرفض ويهددها بابنيها وبأنه سوف يقتلها، وكم حاولوا معالجته من الإدمان، لكنه ما يلبث عقب كل محاولة أن يعود لذلك السم القاتل المدمر مرة أخرى؛ فصبرت على ذلك كثيراً، واحتسبت الأجر عند الله، وانشغلت بتربية ابنيها وتوفير المعيشة لهما، وهذا جعلها تستمر في وظيفتها، لكنه لم يدعها وحالها، بل كان يأخذ جزءاً كبيراً من راتبها لجلب السموم القاتلة، واستمرت حياتها في نكد وعذاب يزداد يوماً بعد يوم، وأصبحت معاركه معها ومع ابنيه تبدأ ولا تنتهي، وشتائمه هي اللغة السائدة في المنزل؛ حيث لا رحمة ولا تقدير ولا احترام، بل حتى لا اعتبار لجهدها في تربية الطفلين من مالها الخاص، كل ذلك كان هباء منثوراً، حتى وصلت حالها معه إلى ما لا طاقة لها بالصبر عليه، فهربت بابنيها إلى بيت أسرتها؛ فغضب لهذا التصرف واستشاط، وأصبح يهددهم بأنه سوف يقتلها. لم يكترثوا كثيراً لكلامه وتهديداته، واعتبروه تهديداً وحسب.
ومضت الأيام إلى أن جاء ذلك اليوم الذي لم يكن في الحسبان، اتجه الزوج (مدمن المخدرات) وهو يحمل سلاحه (الرشاش) إلى منزل أهل زوجته، وطرق الباب، ففتح له أحد ابنيه، فطلب منه أن يأتي بأخيه وأن يركبا السيارة.. فاستجاب الابن لطلب أبيه خوفاً منه.. وأحضر أخاه وركبا السيارة، بعد ذلك توجه الأب المدمن إلى داخل البيت، وكانت زوجته تقف أمام باب المنزل خائفة على ابنيها، وعندما رآها وجه لها طلقات متتالية فسقطت جثة هامدة أمام عيني والدتها وابنيها ثم خرج بكل برود وركب سيارته واتجه إلى بيته، وبعد أن دخلوا البيت وقف في وسط الصالة وأمر ابنيه بأن يديرا وجهيهما عنه، ثم أمسك بالسلاح ووجهه نحو دماغه، وداس على الزناد فتناثرت أشلاء جمجمته على مرأى من ابنيه الصغيرين. سمع أهل الحي دوي الرصاص، فأبلغوا الشرطة، وما هي إلا لحظات حتى حضرت الشرطة لتجد المجرم قاتل زوجته قد فارق الحياة منتحراً، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهذه نهاية الإدمان في كل زمان ومكان، وعاقبته السيئة، التي لا يُرجى منها خير لكل من سلك هذا الطريق المهلك.