مع الكلمات الأولى للمقال، وبعيداً عن المطارحات الفكرية، التي يكسوها جلباب التوجس، رأيت أن أخصص هذه المقالة للإشادة بلقاء معالي الرئيس العام للهيئات الدكتور عبداللطيف آل الشيخ، ليس لبرنامجه الخاص، وخططه العملية الهادفة لتأدية رسالته المأمولة منه،
وإنما لانفتاحه على رجال الإعلام، بهدف الارتقاء بمستوى المخرجات الإعلامية المعبِّرة عن وظيفة الرئاسة، وأنشطتها المختلفة، ورسالتها في المجتمع، وذلك عندما أراد من لقاء الإعلاميين في مقر صحيفة الجزيرة قبل أيام تأكيد أهمية العلاقة بين الإعلام من جهة، والهيئة من جهة أخرى.
هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بحاجة إلى نيل ثقة الرأي العام؛ كونها قريبة منهم، ومعنية بقضاياهم. ولن تستطيع تفعيل التواصل معهم إلا من خلال بناء علاقة تكاملية مع وسائل الإعلام، باعتبارها سلطة رابعة، وشريكة في قضايا الإصلاح. وعلى هذا، فإن علاقة الهيئة مع وسائل الإعلام تُعتبر ضرورية، وهي تصب - في نهاية المطاف - في مصلحة الرأي العام؛ لأن العلاقة بين الطرفين قائمة على احتياج كل منهما للآخر؛ من أجل ضمان حرية التعبير الهادف، وفتح المجال أمام النقد البنَّاء، وممارسة دوره كركيزة أساسية في مسيرة التنمية الوطنية.
بعد أن كانت الهيئة في الماضي تشكو من أن وسائل الإعلام تضخم سلبياتها، وتتصيد أخطاءها، مع إغفال إيجابياتها، إضافة إلى نشرها وقائع مغلوطة، أو مجتزئة، بغض النظر عن استجلاء الحقيقة، وهو ما تقتضيه الرسالة المهنية للإعلام، فإنني لن أكون مبالغاً إن قلت: إن الهيئة اليوم هي في أفضل حالاتها؛ لأنها استطاعت تأسيس علاقة إيجابية مع وسائل الإعلام؛ لتحسين صورتها، وبناء علاقة الشراكة الفاعلة معها، وبمختلف أصنافها المقرؤة والمسموعة والمرئية والإلكترونية. وعندما تستطيع الهيئة إعداد قاعدة بيانات، بما في ذلك الرصد الصحفي اليومي المتعلقة بها، التي تضع كل قضية في إطارها العام؛ للخروج برؤية شمولية، فإن الهيئة ستخرج بتصور موضوعي أقرب إلى الواقع.
في كل مرة، ومنذ تعيين معالي الشيخ عبداللطيف آل الشيخ، تهتم الهيئة بما تنشره وسائل الإعلام؛ فتقوم بتوضيح الحقائق، والرد على أية معلومات غير دقيقة. وفي هذا دليل على أن الهيئة تسير وفق احترافية متقنة، تصب في مصلحة أفراد المجتمع؛ ما يجعلنا نؤكد ضرورة امتلاك قواعد تواصلية مع وسائل الإعلام محلياً، بشكل يعبِّر عن دورها الريادي في البلد؛ فهي تعمل من أجل المواطن، ومعيار نجاحها هو رضا المواطن عنها.
بقي أن أتوجَّه بالشكر لصحيفة الجزيرة، ممثلة بشخص رئيس تحريرها الأستاذ خالد المالك؛ لحرصه على تقديم الدعم المعنوي، المتمثل في إقامة تلك الندوة، وتحقيق رسالتها بوصفها مؤسسة إعلامية فاعلة ومؤثرة إيجاباً في المجتمع؛ حيث ساهمت في نقل صورة ذهنية إيجابية عن عمل الهيئة، ودورها في المجتمع، عند كثير ممن حضر اللقاء، وعند من سيقرأ عن اللقاء انطلاقاً من المصالح العامة للوطن، وبعيداً عن المصالح الفئوية الخاصة.
drsasq@gmail.com