بالرغم من أن فصل الصيف يدقُ أبواب موسكو، إلا أن الروس لا يزالون متمسكين بالربيع.. الربيع السياسي الذي هبّ عليهم من المنطقة العربية. ربيع موسكو يتواصل. فأمس أحيا الموسكويون مليونية ردد المتظاهرون فيها شعارات طالبوا فيها برحيل بوتين ووصفوه بقذافي روسيا وتوعدوه بمصير مشابه للرؤساء العرب الذين أطاح بهم الربيع العربي.
مليونية موسكو التي جاءت بعد هدوء لم يستمر طويلاً ينبئ بفصل طويل من المشاكل للرئيس الروسي الذي يسير على نفس منوال حلفائه من الرؤساء العرب الذين أسقطتهم «المليونيات» و»التظاهرات»، فبوتين يطبق نفس أساليب وتكتيكات حليفه الموشك على السقوط بشار الأسد، إذْ بدلاً من أن يُصلح الأوضاع السياسية، يصرُ بوتين على اتباع نهج «الحل الأمني» متوعداً المتظاهرين بمزيد من الإجراءات القمعية، ومهدداً باعتقال المتظاهرين والتصدي لهم بالقوة.
والملاحظ أن تظاهرات الثلاثاء التي احتشدت في أكبر شوارع موسكو ضمت كافة أطياف الشعب الروسي من أقصى اليمين إلى يساره، فبالإضافة إلى الوطنيين المتشددين، شارك الشيوعيون القدامى والليبراليون في تلك المظاهرات التي يتوقع لها الاستمرار والتواصل في ظل تهديد المتظاهرين بالاعتصام بالساحات والشوارع حتى يستجيب بوتين لمطالبهم التي يصفها الرئيس الروسي بأنها مطالب اجتماعية في حين يؤكد المراقبون أنها مطالب سياسية بحتة تتعلق بالحريات والتضييق على المواطنين، وقد حاولت الحكومة الروسية إرهاب المعارضين بإيقاع غرامات مالية كبيرة تصل إلى حرمان المتظاهر من رواتبه لمدة سنة كاملة، حيث سنت حكومة ميدفيدوف حليف بوتين الذين تبادل معه منصب الرئاسة، سنّ غرامة على المحتجين تصل إلى 300 ألف روبل أي ما يعادل 9.000 دولار، وهي ما تفوق غرامة أي جنحة إدارية أخرى وما يساوي الراتب السنوي للمواطن الروسي العادي.
الربيع العربي يهبُ على روسيا، ولعل هذا يفسر المواقف المعادية للنظام الروسي لحركات التحرر العربية التي أطلقها الربيع العربي للتخلص من الحكام المستبدين والذي يعدُ بوتين الصورة الروسية لهم.
jaser@al-jazirah.com.sa