في يوم الاثنين الموافق 17-5-1433هـ غادرت الرياض متوجهاً إلى المدينة المنورة مع نخبة من العلماء والآدباء والإعلاميين وذلك لحضور فعاليات المؤتمر الدولي للغة العربية الذي نظمته الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة التي تحرص على خدمة هذه اللغة الشريفة لغة القرآن الكريم والسنة النبوية والتراث الإسلامي الزاخر بكنوز المعرفة وتأصيل الهوية اللغوية العربية وترسيخها وما يعترض سبيلها من تحديات مختلفة ولقد كانت هناك جملة من البحوث والأطروحات والرؤى، وكلما سعدت بزيارة المدينة المنورة دار الهجرة ومهبط الوحي ومنطق الجيوش الإسلامية الفاتحة طيبة الطيبة تأسرني مشاعر غامرة من الحب والاحتفاء وهي التي أشرقت بنور الدعوة وازدانت بالمسجد النبوي الذي تهفو إليه قلوب المسلمين حيث كان هذا المسجد هو المنطلق والشعلة المضيئة.
وتاريخ المدينة حافل بالأمجاد والفضائل، فهي تحتوي على مساجد أثرية وتاريخية شواهد عظيمة تاريخها كمسجد قباء ومسجد القبلتين وغيرهما، وفي كل مرة أزورها أحرص على زيارة معالمها التاريخية والأدبية ومكتباتها العامرة.
ولقد أوردت العديد من الكتب والدراسات الكثير من المميزات والفضائل التي تميزت بها هذه المدينة المباركة والتي تشهد اليوم نموا وازدهاراً في نهضتها الحضارية، وفي هذه المدينة يقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف هذا الصرح الشامخ الكبير الذي سد حاجة ماسة عند المسلمين لمصاحف سليمة في رسمها وضبطها وهو عمل مبارك سيبقى معلماً عظيماً لخدمة كتاب الله.
أقيم هذا الصرح الشامخ لخدمة كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم استشعارا من المملكة العربية السعودية بدورها القيادي في خدمة الإسلام والمسلمين وخدمة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة في 6-2-1414هـ بعد اكتمال وسائله وأدواته ومن أهدافه ما يلي:
إصدار طبعات دقيقة وسليمة الرسم والضبط للمصحف الشريف، معاني القرآن الكريم إلى مختلف اللغات التي يتحدث بها في أنحاء العالم، وتسجيل القرآن الكريم بأصوات كبار القراء وخدمة السنة النبوية بالتعاون مع الجامعة الإسلامية من خلال مركز خدمة السنة والسيرة النبوية والوفاء باحتياجات الحرمين الشريفين والمساجد والعالم الإسلامي من المصاحف، وإجراء البحوث والدراسات المتعلقة بعلوم القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.
وتصل الطاقة الإنتاجية للمجمع إلى ما يربو على عشرة ملايين نسخة من مختلف الإصدارات سنوياً للوردية الواحدة، ويمكن تشغيله عند الحاجة ثلاث ورديات لينتج ثلاثين مليون نسخة سنوياً.
ووصل عدد الإصدارات التي أنتجها المجمع إلى أكثر من ستين إصداراً موزعة بين مصاحف كاملة وأجزاء وترجمات وتسجيلات وكتب للسنة والسيرة النبوية وغيرها، وللمجمع مخطوطتان خاصتان به بروايتي حفص عن عاصم وورش عن نافع كتبهما خطاط المجمع وروجعتا من قبل لجنة علمية بالمجمع، كما بدأ المجمع في كتابة مخطوطتين أخريين خاصتين به وبروايتي الدوري وقالون.
وتقدر مساحة المجمع بمائتين وخمسين ألف متر مربع، ويضم مسجداً ومباني للإدارة والصيانة، والمطبعة، والمستودعات، والنقل، والتسويق، والسكن، والترفيه، ومستوصفين، والمكتبة والمطاعم وغيرها.
وتجاوز إنتاج المجمع 168 مليون نسخة، وفيما يخص إصداراته التي تم توزيعها داخلياً وخارجياً فقد تجاوزت المائة مليون نسخة.
هذا ويستخدم المجمع في كافة مراحل التحضير والمونتاج والتجليد أفضل المواد المتاحة وذات المواصفات المتميزة كما تستخدم الحاسبات الآلية في مختلف أعماله.
إن هذا المجمع أكبر صرح في العالم لخدمة كتاب الله وقد تم توزيع مائة مليون نسخة على المساهمين في أنحاء العالم وأكثر من 25 ترجمة لمعاني القرآن الكريم وأبحاث مستمرة لخدمة الكتاب والسنة، ولقد شاهدت ما يملأ النفس فخراً واعتزازاً في هذا المجمع وأجهزة التقنية بكل معطياتها بحيث يؤدي هذا المجمع واجباته لتحقيق أهدافه الكريمة وغاياته السامية النبيلة.
عضو الجمعية العلمية السعودية للغة العربية