بحلول إجــازة الصيف لا حـديث للناس إلا عــن السفر والبرامـج السياحيــــة والمهرجانـــات للترفيـــه عن الأطفال والشباب, ولا سؤال إلا عن كيفية قضاء هذا الوقت الطويل بالسفر داخلياً أو خارجياً أو البقاء قسراً لظروف العمل أو عدم القدرة على تكاليف السفر. الإحصاءات المسجَّلة في السنوات الماضية والمتوقّعة لهذا العام تشير إلى أن الغالبية يغادرون إلى خارج الحدود، ففي دبي فقط المتوقّع أن يبلغ عدد السياح السعوديين ما يقارب المليون سيشدون رحالهم بحثاً عن لحظات ممتعة وسط تنوّع يرقى لذائقة السائح في الشواطئ والحدائق والمولات والرحلات البحرية رغم حرارة الطقس وسط تراجع واضح للسياحة الداخلية في السعودية، فبتغييب الخيارات المرغوبة من بعض السياح نزولاً عند رغبة فئات أخرى مثل صالات السينما الترفيهية والعلمية والطبيعية وألعاب السرك والألعاب المثيرة والجاذبة والأندية الاجتماعية تقلّصت مسارات التنوّع أمام السياح في الداخل وكذا المقيمين في مناطقهم, وليس الأمر في دبي فقط فبقية الدول في شرق آسيا وتركيا وأوربا وأمريكا تأخذ حصصها كاملة من أفواج السياح السعوديين الفارين إلى الخارج هرباً من لهيب الحر ومنع الفعاليات والتضييق على المنظمين وتقييدهم بضوابط صارمة وشديدة تكبل حريتهم في طرح خياراتهم أمام الجمهور.
يخرج من دائرة الحيرة المغادرون للخارج ويقع فيها سياح الداخل والباقون في منازلهم لظروفهم الخاصة ويبقى سؤال الأبناء والبنات المكرر كل يوم: أين نذهب هذا المساء؟ تظل الحيرة والتردد قائمين لمحدودية الفرص وضعف البرامج الموجودة وفشل ما يُسمى بالأندية الصيفية التي تنظّمها وزارة التربية والتعليم في تقديم ما يقنع الطلاب والطالبات, فميزانياتها ضعيفة جداً وبرامجها فقيرة وهزيلة ومكررة ومملة يغلب عليها طابع الارتجال والفوضوية مع تدني المستوى الفني لأغلب المشرفين، إذ لا يرقى إلى العمل الاحترافي بحال, وفي ضفة أخرى تسجل أغلب المهرجانات الصيفية مستويات متراجعة لسوء التخطيط والبدايات المتعثرة ونوعية البرامج التي ملَّها الناس, ومن ضمن البرامج الخارجية المقدمة مثلاً مهرجانات دولة قطر، حيث تشارك فرق عالمية في تقديم عروض مبهرة وتلقى إقبالاً متزايداً من سياح منطقة الخليج وبخاصة السعودية, وفي مهرجان صلالة في سلطنة عمان شاهدت قبل سنوات مشاركة فرق شعبية من الإمارات واليمن وعرض أفلام علمية وثقافية ووثائقية وترفيهية وقد لا تجد مكاناً تجلس فيه من الازدحام الشديد والتقاطر المستمر من السياح, وفي بلدان أخرى من الخليج تقدّم المتاحف المنظمة بطرق جاذبة صوراً من تاريخ الدولة مع مشاهد من الآثار والمناطق الأثرية.
لدينا في السعودية مقومات لكنها محدودة في المولات والشاليهات, وفي الساحات الشعبية القليلة، بل النادرة تنصب خشبة للمسرح تعرض عليها مشاهد يطلق عليها مجازاً وصف مسرحية بينما هي جملة من حركات الاستهبال والصراخ وافتعال الكوميديا ومحاولة إضحاك الناس بعروض ومشاهدة لا تمت إلى صناعة الإمتاع والترفيه بصلة.
أين تذهب هذا المساء؟ هذا هو السؤال الحائر والمحير, والخيارات المتاحة أمامك مطعم ومول وشاليه سعره مرتفع وألعاب بأسعار عالية أو تذهب للمهرجانات إياها! أمام البرامج الهزيلة أعتقد أن رب الأسرة سيفضّل البقاء بعائلته في منزله هذا المساء وكل مساء، وسلامتكم.
shlash2010@hotmail.com
تويتر abdulrahman_15