فسرت نحوك لا ألوي على أحد
أحث راحلتي الفقر والأدبا
ابتدأني بهذا البيت للمتنبي ثم قال لي بحرقة وهو يبكي: البارحة لم أنم، غفوت على وسادتي، حلمي كان أضغاثا، ولذتي في الحلم لم تكن، فجأة فقت بفزع كبير، جال نظري في الزوايا المظلمة للغرفة، أنين زوجتي المريضة وصياح أطفالي الصغار أفزعني بقوة، عدت بذاكرتي لمضاجعة الذي كان والآتي من بعيد، كان مجرد حزم أشياء شاهدة لأحداث ماتت في السدم البعيدة، استهلكني حينها الحزن الشديد، استثمرني فعلقني كأضحية العيد سلخ جلدي ونزع من جسدي قطع لحم طرية..طبخني في محافل أنانية البعض وتركني معلقا، ودمي يسيل، طرقت بابي سنين العوز واليأس والفقر والفاقة، الأيادي الشحيحة التي كانت تمتد إلي في الظلام لم تعد، انزاحت ونضبت حتى استيقظت في البراكين، هزت كياني، وأسدلت الستائر على مسرح حياتي الهزيلة ، بيتي عاد فارغا، الكل انزاح عني بعيدا، الوجوه تشرق بابتسامات السخرية وأنا المتهم الوحيد وسط شوارع الأنانية والتوحد والهجر، وجهي الحنطي المترف غفت عنه النظارة، أحلامي هزلت وصارت ضعيفة، عظامي صارت منخورة وهشة، أتمسك بأوهام واهنة، هل هو المجتمع الأناني؟ أم أنا؟ أم كلانا؟، الآخرون المضطجعون على آرائك ينجدها المال الوفير يبتسمون بعمق وأنا الضعيف السقيم، وحال أطفالي تلعب بنا الحياة كيفما تشاء، منبوذ أنا، وسادتي متربة لا أثر فيها لشعيرات جدائل الحبيبة، ولا ضوع لروائح العطر والشوق ولذة الوصال، حزين أنا ومقهور وبي لوعة، موجع أنا بين أناس فروا بعيدا عن الإنسانية والتلاحم والألفة حتى صرت وحيدا في الحطام، دفعت الثمن كثيراً - يا الله حنانك - لم أعد أهتم بنفسي، خوفي صار على الصغار، لقد تمرغوا في الأوحال، لعبهم تكسرت، تناثرت في الفضاء، وأسمالهم القديمة غدت بالية، لقد نضبت مياهي في حقول جسدي فضاع الزرع والبستان، وصارت الأرض جدباء، والرمال هائمة، والرياح غادرة، وغيري كثيرون، قبح الله الأنانيين.
ramadanalanezi@hotmail.com