توفي هذا الرجل مطلع الأسبوع الحالي بمحافظة الدوادمي بعد أن عانى مرضاً لم يمهله طويلاً ولا يسعنا إلا الرضا التام بقضاء الله وقدره عليه وعلى غيره.
ولكن وتمشيا مع التوجيه النبوي اذكروا محاسن موتاكم وربما يكون للذكر الذي يتمتع به هذا الرجل لمعارفه وأبنائه وأهل الصلاح والخير من المسلمين أسوة وقدوة يعتد بها ويتحلى بها أصحاب مكارم الأخلاق.
الفقيد غفر الله ذنوبه يسمى ممول الفقراء حدثني ثقة يقول: قابلت مرة الشيخ إبراهيم الصالح وسلمت عليه بما يستحقه من تقدير وعندما هممت بالانصراف قال: اخبر (فلاناً) يأتيني بعد العشاء مباشرة بداري قلت: إن شاء الله. فأخبرت هذا بذلك، قال: وبعد فترة قابلته وقلت: ماذا كان يريد إبراهيم الصالح؟ فقال: حضرت كما طلبني بعد العشاء مباشرة وقد تأخرت قليلاً وسبقني فقرعت الباب فأجاب وكان على الباب إنارة مطفأة فأضيئت فخرج عليّ ودفع لي مالا وقال: هذا لك وأطفأ النور. وقلت: ليتك تركت النورّ قال: لن يقول أحد جزاك الله خيراً لو تركته ولكن اصرف المبلغ وعدني إن كان لك حاجة.
وحدثني كثيرون أنه كان يجلس كل يوم بعد صلاة العصر من رمضان ويعطي من يسلم عليه مبلغاً من المال ونسيت هذا الكلام وفي يوم من أيام رمضان مررت لأسلم عليه في بيته فقيل لي هو في المسجد فدخلت المسجد وهو جالس يقرأ فقلت: السلام عليكم. فصرف عني وجهه وأدخل يده في جيبه فعرفت مقصده وسلمت على رأسه تقديراً له وعرفته باسمي أحسب أنه لم يعرفني فابتسم رحمه الله وقال: مرحباً ولم يزد!.
مثل هذا الرجل يعتبر من القدوات الصالحة التي تؤثر غيرها على نفسها أن المحافظة بفقدها لمثل هذه الأريحية والنفس الطيبة والخلق الفاضل واللسان الطاهر والعمل المبارك لتدعو وتبتهل إلى الله سبحانه وتعالى أن يجعله من سكان جنة النعيم ولا يحرمه مما قدم ويرحمنا ويعوضنا عن فقده وليس لأمثاله عوض مطلقاً. نحن لفقد إبراهيم محزنون بلا شك ولا ننسى سيرته العطرة وصدقاته للفقراء على الدوام كتب الله له الرحمة وأسكنه فسيح الجنات و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
فالح بن سالم الحبردي - الدوادمي