سعدت، وأنا أقرأ خبراً عن بدء أمانة مدينة الرياض في تنفيذ توجيه صاحب السمو الملكي وزير الشؤون البلدية والقروية، المبني على توصيات وزارة الصحة بتطبيق غرامة مالية، قدرها 500 ريال، على أي محل يقوم ببيع الدخان والتبغ لصغار السن. ومما جاء في سياق الخبر حديث م. سليمان البطحي مدير عام صحة البيئة بأمانة منطقة الرياض، أن الأمانة شرعت في حملة لإشعار منافذ البيع من بقالات، وسوبر ماركت، ومحال بيع التبغ، وأن الأمانة تطلب الإبلاغ عن أي مخالف على رقم مركز الطوارئ 940.
أعيد القول بأنني سعدت لهذا الخبر؛ لأنه يهدف إلى الحفاظ على الصحة العامة، ويحافظ على صغار السن والشباب من الانسياق في مشكلة التدخين. والأمر الآخر أنني أشرت لهذه المشكلة في كتابين أحدثهما عام 1430هـ، ويحمل عنوان: «ظاهرة التدخين في المجتمع السعودي»، والآخر عام 1427هـ، تحت عنوان : «آفة التدخين بين الطب والدين»، وفي كلا الكتابين قدمت مجموعة من التوصيات، ومنها مانصه «القيام بحملة واسعة لمكافحة التدخين، ومنها دعوة تجار التجزئة والبقالات لعدم بيع السجائر لكل من يقل عمره عن 18 عاماً كمرحلة أولى ومنع بيعها على الصغار، بل ومعاقبة من يبيعها لمن لم يبلغ السن القانونية.... إلخ».
وهذه التوصية مع غيرها من التوصيات منها ما نفذ -ولله الحمد- ومنها ما هو قيد الانتظار وكما قيل في المثل «أن تصل متأخراً خير من ألا تصل»، وإنا كنا نود الاستعجال في تطبيق كل ما من شأنه حماية مجتمعنا بكل فئاته العمرية من الأضرار، وما يؤثر في صحة المجتمع واقتصاده، والأمانة التي طبقت هذا القرار وهذه التوصية لم نسمع لمثيلاتها من الأمانات والبلديات عن عزمها على تطبيق مثل هذا القرار حتى الآن، وقد مضى ما يقرب الثمانية أشهر على توجيه سمو وزير البلديات.
لقد سبقت الإشارة ومن مصادر رسمية وذكرتها في كتاب «آفة التدخين بين الطب والدين» عن الحجم الحقيقي لمشكلة التدخين، ومنها أن 30% من تلاميذ المدارس الحكومية في المرحلتين المتوسطة والثانوية يدخنون السجائر، و66% من الطلاب المدخنين تتراوح أعمارهم ما بين 12 - 17 عاماً، وهذه الدراسة من وزارة الصحة كما ذكرت، وهي دراسة رسمية أشرت إليها، وربما زادت النسبة بعد مضي عدة أعوام، لأن حملات التوعية والتوجيه -مع الأسف- أقل من حجم المشكلة التي أرى أنها كارثة في حق مجتمعنا، فمجموع ما ينفق على شراء الدخان يومياً يقارب العشرة ملايين ريال، إضافة إلى مبالغ أخرى غير مرئية لتكلفة علاج هؤلاء المصابين من التدخين، وضعف إنتاجية المدخنين في العمل، وما يترتب من خسائر أخرى، كالحرائق المنزلية أو المكاتب والمصانع والمستودعات والسيارات جراء أعقاب الدخان!
إنني أسمع عن اللجنة الوطنية لمكافحة التبغ أو التدخين، وأعلم أنها لجنة مؤلفة من عدد من الجهات الحكومية، ولا أعلم عن أعضائها، وإلى أي مؤسسات ينتمون، ولكننا لم نر نتاجاً، ولا توصيات فاعلة لهذه اللجنة، وأرى أن ما تقوم به بعض الجمعيات الخيرية لمكافحة التدخين والمنتشرة في بعض مدن المملكة يفوق ما تقوم به هذه اللجنة مما يتطلب منها مضاعفة الجهد، وإن لم يكن بالعمل فلا أقل من دعم الجمعيات الخيرية مادياً ومعنوياً حتى تقوم بالدور المنوط بها وباللجنة.
والله من وراء القصد.
alomari1420@yahoo.com