رحم الله الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد ووزير الداخلية الذي انتقل إلى رحمة الله صباح اليوم السبت.
فقدان الأمير نايف بن عبدالعزيز مع إيماننا بقضاء الله وقدره، وأن الأعمار بيد الله، كان بمثابة الصدمة، فقد فقدنا رجلاً كريماً وكبيراً ومؤثراً، وصدمة وفاته ليست للسعوديين فقط بل للعرب والمسلمين الذين يعرفون الأمير نايف بن عبدالعزيز، رجل عرف بأياديه البيضاء في خدمة وطنه المملكة العربية السعودية وأمته العربية والإسلامية، فللرجل إسهامات كبيرة في خدمة الإنسان المسلم ليس فقط في توطيد الأمن والاستقرار، فلم يقتصر عمله فقط على إدارة شؤون الأمن طوال أكثر من أربعين عاماً الذي نجح في ذلك نجاحاً باهراً جعل من المملكة العربية السعودية واحة أمن واستقرار، ومواجهته لآفة الإرهاب ومكافحته بأسلوب علمي وفكري وإنساني، فمعالجته لم تقتصر على الأساليب الأمنية بل أيضاً الفكرية والإنسانية التي جعلها في مقدمة الأولويات، فجاء ابتكار أسلوب المناصحة الذي استهدف استعادة الأشخاص الذين اختطفتهم الجماعات الإرهابية، وتم من خلال برنامج فكري وديني وإنساني من استعادة آلاف المواطنين الذين تورطوا في الانضمام إلى تنظيم القاعدة الإرهابي وغيره من الأنظمة الإرهابية، وقد لفتت التجربة انتباه المفكرين والدول التي تأثرت وأضر بها الإرهاب ووجدت فيها دروساً عملية وعلمية لمعالجة هذه الظاهرة. فللأمير نايف بن عبدالعزيز سجل ناصع في خدمة ضيوف الرحمن من حجاج وزوار وقاصدي العمرة، فقد اضطلع بدور رئيسي في قيادة لجنة الحج العليا وأشرف وقاد وتابع تنفيذ العديد من البرامج والمشاريع التي نفذت لخدمة الحجاج وطلاب العمرة والتخفيف عنهم إضافة إلى توفير الأمن والاستقرار لهم.
وللأمير نايف بن عبدالعزيز -يرحمه الله- دور فكري وعلمي وداعم خاصة في خدمة السيرة النبوية إذ رعى وأنشأ جائزة سموه للسيرة النبوية التي أسهمت في تنمية الفكر الإسلامي في مجال السيرة النبوية من خلال ما عمل وقدم من بحوث علمية ودراسات قيمة، كما عمل على نشر الثقافة الإسلامية والعربية خارج الوطن العربي، فأنشأ كرسي الأمير نايف للدراسات الإسلامية في جامعة موسكو لنشر الفكر والثقافة الإسلامية والذي تم من خلاله دعم جهود العلماء والدارسين والباحثين في الفكر الإسلامي في روسيا وكان للكرسي والقائمين عليه جهد كبير في تقديم الصورة الصحيحة عن الإسلام والمسلمين.
كما أن للأمير نايف بن عبدالعزيز في دعم الأعمال الخيرية والإنسانية وكان له دور فاعل في تقديم وحشد المساعدات للإخوة الأشقاء في فلسطين وفي البوسنة والهرسك وغيرها من الدول والمجتمعات التي تحتاج إلى المساعدة.
وإذ عرف الأمير نايف بن عبدالعزيز بأنه رجل الأمن الأول في المملكة العربية السعودية، إلا أنه عمل على تطوير وتنسيق العمل الأمني في الدول العربية من خلال مجلس وزراء الداخلية العرب وتأطير العمل الأمني العربي وفق أطر فكرية وعلمية كان من نتيجتها إنشاء جامعة الأمير نايف الأمنية التي درست ودربت العديد من الكوادر العملية الأمنية العربية وهي إحدى الشواهد التي تؤكد أن الفقيد الراحل كان يهتم بالعمل وتصويب العمل الأمني وعدم تركه للاجتهادات الفردية.
رحم الله أبو سعود، الأمير نايف بن عبدالعزيز الذي فقده العرب والمسلمون مثلما فقده السعوديون الذين وجدوا فيه الأب والأخ المتفاني في خدمتهم وتأمين حياتهم واستقرارهم.
jaser@al-jazirah.com.sa