|
الجزيرة - المحليات:
عبر معالي مدير جامعة الملك سعود الدكتور عبد الله بن عبد الرحمن العثمان باسمه وكافة منسوبي ومنسوبات الجامعة, عن بالغ تعازيه ومواساته لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -يحفظه الله- وللأسرة المالكة, والشعب السعودي كافة, على وفاة المغفور له -بإذنه تعالى- صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية, سائلاً المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته, وأن يعوض الأمة عن فقدان هذا الرمز الوطني الكبير.
وزاد أن وفاة ولي العهد -يرحمه الله- هي فاجعة كبيرة للشعب السعودي بفقدان الوطن شخصية استثنائية أرست أمن الوطن وحمته من المخاطر والإرهاب وكل ما هدده طوال العقود الماضية, مضيفاً أن كل من تعامل مع الأمير نايف أدرك منزلته وعاطفته القوية تجاه أبناء شعبه, فقد حمل -يرحمه الله- أمن الوطن على عاتقه, وعايش المسؤولية في أحلك الظروف, فاطمأنينا جميعاً إلى أن القيادة تسير على المنهج الصحيح، وقد عمل قريباً من أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -أمد الله في عمره- والذي لمس في أخيه نايف رباطة الجأش في الملمات واستنارة البصيرة, فكلفه بمهمة إدارة شؤون وزارة الداخلية المثقلة بكل المسؤوليات الجسام عن أمن الوطن.
وأضاف الدكتور العثمان أن الأمير نايف لم يكن ولياً للعهد ووزيراً للداخلية فحسب، بل كان أيضاً رجل الدولة الأمين الذي ساس بخبرته علاقات التوازن بين ما لا يقبل التهاون فيه, أو التفريط, ضد عبث العابثين أو أي إخلال بالأمن أو تعدي على الحرمات والأملاك العامة والخاصة، كما كان الأمير نايف يرحمه الله الساهر الأول على أمن وأمان الحج الذي يعد أصعب المواسم التي تحتاج إلى متابعة أمنية بالغة بسبب تدفق ملايين المسلمين من كل أصقاع الكرة الأرضية وتصدى بحزم لكل المحاولات التخريبية لموسم الحج التي حاولت توظيف الخلافات السياسية لاختلاق المشاكل وتأجيج الأزمات, كما عمل سموه يرحمه الله على نسج خيوط التآلف والتعاون بين سائر فئات المجتمع بكل أطيافه وبمختلف مواقعهم وأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية, وظل يرحمه الله حتى وفاته رائداً لعمل الخير وحملات الغوث والمبادر دائماً لاحتضان العمل الوطني المخلص، كما كان الحريص على علماء الدين وقضاة الشريعة، وهو القريب إلى صفوف الأكاديميين وتطلعاتهم فقد دعم الجامعات والمراكز البحثية و لا سيما جامعة الملك سعود التي رعى ودعم وساند العديد من مناسباتها ومناشطها وكراسيها العلمية ومراكزها البحثية وبرامجها التطويرية, وكل من انتسب للجامعة يدرك حجم الدعم اللا محدود الذي كان يقدمه سموه لها لتحقيق إنجازات نوعية تضيف للاقتصاد الوطني وتحقق طموحات المواطنين وتوفر فرص عمل لشباب وشابات الوطن، كما نهض سموه يرحمه الله ببعض الجوانب الاجتماعية مثلما نهض بجسامة الحرب على قطع دابر الإرهاب في معارك جعلته رائداً في عيون العالم, وهو ما لم يتحقق لدول متقدمة تملك أعقد التقنيات والإمكانات وفشلت في مواجهة الإرهاب وتداعياته السلبية التي أرقت المجتمع, والأمر ذاته ينطبق على معركته التى خاضها مع المخدرات ومع مصادر الإجرام الأخرى فقد ظل يقظاً ليس فقط في تجفيف المنابع وضبط عمليات التهريب وإلقاء القبض على تجّاره ومروجيه، بل أيضاً في الآلية العلمية التي كرّس لها «جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية›» التي وقفت بحوثها ودراساتها وكذا محاضراتها ومناهجها للقضاء على هذه الآفة وعلى سائر الجرائم والجنح والسعي إلى علاجها أيضاً, وبرنامجه الآخر الذي دعمه في جامعة الملك سعود للأمن الفكري «برنامج الأمير نايف بن عبد العزير لدراسات لأمن الفكري», كما كان للأمير نايف بن عبدالعزيز يرحمه الله جهوداً مشهودة في الدفع عن السنة من خلال تبنيه لجائزة السنة النبوية العالمية والدراسات الإسلامية, بعد أن ازدادت الحاجة في هذا العصر لتبصير المسلمين وإرشادهم إلى أهمية السنة النبوية والحديث الشريف لإصلاح المجتمع, كما اتضح اهتمامه يرحمه الله بالبعد الفكري من خلال مشروع المناصحة الذي منح المتشددين فرصة أخرى للعودة للاعتدال والانخراط من جديد في المجتمع, وأثبت هذا الحل نجاحه بتخليص العديد من الشخصيات من هذا الفكر الضال وانخراطهم في دورة الحياة من جديد, وهذه إحدى معاني الحكمة السياسية.
وقال العثمان: اليوم رحل عنا أمير الحكمة, بكل ما اتسم به من لباقة التواصل مع مختلف الفئات الاجتماعية، وما توافر له من واسع الثقافة والاطلاع وما امتلك من حنكة التعامل مع زعماء العالم وساسته، وما تحلى به من كريم الخلق وطيب المعشر والذي لمسها عن قرب كل مَن جالسه وتعامل معه، وأحس بها عن بُعد مَن سمعه أو قرأ ما يصدر عنه، وقد عبرت عن شمائله وقدراته القيادية ما حصل عليه من جوائز وأوسمة ونياشين وشهادات دكتوراه فخرية واختياره -تقديراً له- رئيساً فخرياً لمجلس وزراء الداخلية العرب حيث كان له دور بارز في ترسيخ الأمن العربي وتبنيه استراتيجية عربية للأمن الفكري, كما برزت جهوده يرحمه الله على المستويين العربي والدولي والإسلامي من خلال الإشراف على لجان وحملات الإغاثة والعمل الإنساني لمشاريع التبرعات الشعبية والحكومية التي تتبناها وتقدمها السعودية للشعوب العربية, ودعم جهود الإغاثة للشعب الفلسطيني, واعتماد وتنفيذ العديد من المشاريع الإنسانية للمتضررين في الحروب, وتقديم المساعدات الغذائية ودعم الأسر الفقيرة والجرحى والمعوقين وكفالة الأيتام ودعم التعليم الجامعي، وبناء المساكن الخيرية، وتقديم الأدوية والمستلزمات الطبية وبناء المراكز المتخصصة لعلاج الأورام السرطانية, ودعم الجهود الإغاثية للشعب الأفغاني, وإنشاء اللجنة السعودية لإغاثة كوسوفا والشيشان, وإغاثة المتضررين من كارثة تسونامي في إندونيسيا, وإغاثة المتضررين من الزلازل والفيضانات في الدول المتضررة, ودعمه للحملة الوطنية لمساعدة متضرري مجاعة الصومال, ولا شك أن كل هذا السجل المشرف من الأعمال الجليلة والتقديرات الرفيعة كانت دائماً تجد في إيمانه العميق بالله وبتعاليم الإسلام، المنطلق الأساس والجوهري في كل أعماله في خدمة الوطن والمواطن، ومن الواجب على كل مواطن ومحب لهذا الوطن المعطاء الذي ودَّع بدموعه، ابنه البار، الأمير نايف بن عبد العزيز، ولي العهد, ومن واجب كل مواطن، أحسَّ بنعمتي الأمن والأمان، أن يدعو بالرحمة والمغفرة للأمير نايف يرحمه الله.